والذين قالوا:(يجب): احتجوا بأن المستدل مطالب بذكر ما يكون معرفا للحكم، والمعرف للحكم ليس تلك الأمارة فقط، بل تلك الأمارة، مع عدم المخصص؛ وإذا كان كذلك، وجب ذكرهما معا، فمقتضى هذا الدليل بيان نفي كل الموانع ابتداء، إلا أن إيجاب ذلك يفضي إلى العسر والمشقة، أما إيجاب نفي الموانع المتفق عليها، فلا يفضي إلى ذلك؛ فوجب أن يجب ذكره.
المسألة الثالثة
(فيها فرعان)
قال القرافي: قوله: (تخلف الحكم في بعض الصور لا يقدح في كونها مستلزمة له غالبا):
قلنا: بل يقدح، وما يعتمد عليه من أن القطر يتأخر عن السحاب في بعض الصور، ولا يقد ذلك فيه، وكذلك الإرواء عن الماء، والشبع عن الطعام، فلا مستند فيه؛ لأن التخلف في تلك الصور كلها لابد فيه من مرجح مناسب للتخلف، وإلا لزم الترجيح من غير مرجح، ونحن نتكلم في هذه المسألة على تقدير عدم المعاني الكلية، فلا يتجه إلا ما قاله الإمام- بعد هذا- أنه يدل على عدم الاستلزام بالكلية، غير أن المصنف ذكر دليلا مستقلا، ولم يبد وجه الطعن في حجة الخصم، وهذا وجه الطعن فيها.