قال الرازي: قال الغزالي- رحمه الله-: إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه قد يكون باستخراج الجامع، وقد يكون بإلغاء الفارق، وهو أن يقال: لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا وكذا، وذلك لا تأثير له في الحكم ألبتة، فيلزم اشتراك الفرع والأصل في ذلك الحكم، وهذا هو الذي يسميه أصحاب أبي حنيفة- رحمه الله- بالاستدلال، ويفرقون بينه وبين الناس.
واعلم: أن هذا يمكن إيراده على وجهين:
الأول: أن يقال: هذا الحكم لابد له من مؤثر، وذلك المؤثر: إما القدر المشترك بين الأصل والفرع، أو القدر الذي امتاز به الأصل عن الفرع:
والثاني: باطل؛ لأن الفارق ملغى فثبت أن المشترك هو العلة فيلزم من حصوله في الفرع ثبوت الحكم، فهذا طريق جيد، إلا أنه استخراج العلة بطريق السبر؛ لأنا قلنا: حكم الأصل لابد له من علة، وهي: إما جهة الاشتراك، أو جهة الامتياز، والثاني باطل؛ فتعين الأول.
وجهة الاشتراك حاصلة في الفرع، فعلة الحكم حاصلة في الفرع؛ فيلزم تحقق الحكم في الفرع، فهذا هو طريقة السبر والتقسيم من غير تفاوت أصلا.
وثانيهما: أن يقال: هذا الحكم لابد له من محل، ولا يمكن أن يكون ما به الامتياز جزءا من محل هذا الحكم، فالمحل هو القدر المشترك، فإذا كان ذلك المحل حاصلا في الفرع، وجب ثبوت الحكم فيه؛ مثل أن يقال: ما به امتاز