قال التبريزي: التمسك على الفور بالاحتياط ضعيف، لأن الاحتياط ليس من أمارات الوضع، ولا من مقتضيات الوجوب، بل هو من باب الأصلح ثم إن قوله:(افعل الآن) بعد تأكيدا، وفي أي وقت شئت يعد تحقيقا ومسامحة.
ويرد عليه: أن هاهنا قاعدة خفية، عادة الفضلاء يوردون بسبب إهمالها سؤلا، فيقولون في كل ما يقول فالمستدل فيه: هذا أرجح، فيجب المصير إليه: إن الرجحان يقتضي أنه أحسن، وأما التعيين فلا، بل الندب هو اللازم في هذه المواطن التي فيها الرجحان والاحتياط ونحو ذلك، فإن فعل الأحسن، وترك مواطن الشبه مندوب إليه، والأفضل الوجوب، وأهملت قاعدة وهي: أن الرجحان إن كان في أفعال المكلفين، فكما قالوا وإن كان في مدارك المجتهدين وأدلة النظار والمناظرين اقتضى ذلك الوجوب والتحتم واللزوم، بل انعقد الإجماع على أن المجتهد يجب عليه اتباع الراجح من غير رخصه في تركه، بخلاف الراجح في حق المكلف إنما هو مندوب، وكذلك الراجح في الاجتهاد في طلب القبلة، وطهورية الماء من باب الوجوب إجماعا، ومنه قيم المتلفات، وأروش الجنايات فتأمل هذه القاعدة، فهي ظاهرة وهي خفية وبهذا يظهر لك بطلان قوله: إن الاحتياط ليس من مقتضيات الوجوب، لأن هذا رجحان في دليل لا في فعل.
وأما قوله:(افعل الآن تأكيد، وفي أي وقت شئت مسامحة) فهو مصادرة على مذهب الخصم بغير دليل.
[(تنبيه)]
قال إمام الحرمين في (البرهان): قال غلاة الواقفية: إن عجل وفعل