فإنها تغليب لأحد الجائزين عقلا، فإنا نجزم ببقاء البحر ماء، وهو أحد الجائزين، فلولا قوله:((ظاهرى التجويز)) لدخلت العلوم العادية في حد الظن، وبقوله:((ظاهرى التجويز)) خرجت العلوم العادة؛ لأن الاحتمال المرجوح الذي في الظن إذا قيس إلى الاحتمال الحاصل مع العلوم العادةكان ظاهرا جدا، فإن عدم انزل المطر من الغيم الرطب قربب، من مجارى العادات، فصار الاحتمالان والظن كل واحد منهما ظاهر، أما الراجح فبالقياس إلى ما يقابله، وأما المرجوح فبالقيسا إلى الاحتمال العقلى الكائن في العلوم العادية، فهذا معنى ظهور التجويز في الاحتمالين، وإلا فكلامه يقتضى اجتماع النقيضين، لأن أحدهما إذا كان ظارها لم يكن الآخر ظاهرا، فجعله ظاهرها يقتضى أن يكون ظارها وألا يكون ذلك باعتبارين، هو مرجوح باعتبار ماقبله، وراجح باعتبار مقابل العولم العادية، فلا محال حينئذ.
((فائدة))
وقع في بعض نسخ ((المنتخب)) كالغيم الرطب المسف - بالسين المهملة- ومعناه: القريب من الأرض.
تقول العرب: اسف الطائر إذا قارب الأرض في طيرانه، والسحاب إذا أثقل بحمل الماء تدلى وقرب من الأرض، فلذلك كان لقربه من الأرض فدخل في ظن الأمطار.