أحدها: القياس الذي يوجب حكمًا شرعيًا راجح على ما يوجب حكمًا عقليًا؛ لأن القياس دليل شرعي؛ فيجب أن يكون حكمه شرعيًا، إلا أنا لو قدرنا تقديم العلة المثبتة للحكم الشرعي على المثبتة للحكم العقلي - لزم النسخ مرتين، ولو قدرنا تقديم العقل، لزم النسخ مرة.
فإن قلت:(كيف يجوز أن يستخرج من أصلٍ عقلي علة شرعية؟!):
قلت: يجوز ذلك إذا لم ينقلنا عنه الشرع، فنستخرج العلة التي لأجلها لم ينقلنا عنه الشرع، أما إذا كان أحد الحكمين نفيًا، والآخر إثباتًا، وكانا شرعيين: فقيل: إنهما يتساويان؛ لكنا ذكرنا في (باب ترجيح الأخبار): أنه لابد وأن يكون أحدهما عقليًا.
وثانيها: الترجيح بكون أحد الحكمين في الفرع حظرًا، فذلك الحظر: إما أن يكون شرعيًا أو عقليًا: فإن كان شرعيًا: فهو راجح على الإباحة؛ لأنه شرعي، ولأن الأخذ بالحظر أحوط، وإن كان عقليًا، فكونه حظرًا جهة الرجحان، وكونه عقليًا جهة المرجوحية؛ فيجب الرجوع إلى ترجيحٍ آخر، ولابد في الحظر والإباحة من كون أحدهما عقليًا؛ على ما تقدم.
وثالثها: أن يكون حكم إحدى العلتين العتق، وحكم الأخرى الرق: فالمثبتة للعتق أولى؛ لأن للعتق مزيد قوةٍ، ولأنه على وفق الأصل.