قال الرازي: أما النص: فقوله عليه الصلاة والسلام: (رفع القلم عن ثلاث).
وأما المعقول: فهو: أن فعل الشيء مشروط بالعلم به، إذ لو لم يكن كذلك، لما أمكننا الاستدلال بالأحكام على كون الله تعالى عالما، وإذا ثبت هذا، فلو حصل الأمر بالفعل حال عدم العلم به، لكان ذلك تكليف ما لا يطاق.
واعلم أن الكلام في هذه المسألة يتفرع على نفي تكليف ما لا يطاق.
فإن قيل: لا نسلم أن فعل الشيء مشروط بالعلم به، فإن الجاهل قد يفعله على سبيل الاتفاق.
فإن قلت:" الاتفاقي لا يكون دائما، ولا أكثريا ".
قلت: لا نسلم؛ فإن حكم الشيء حكم مثله، فلما جاز وجود الفعل مع عدم العلم به مرة واحدة؛ جاز أيضا ثانية وثالثة، فيلزم إمكان ذلك في الأكثر، ودائما.
وإذا جاز ذلك، فلا استحالة في أن يعلم الله تعالى وقوع هذا الجائز في بعض الأشخاص.
وإذا علم الله تعالى ذلك منه، لم يكن تكليفه بالفعل حالما لا يكون المكلف عالما به - تكليف ما لا يطاق، سلمنا ذلك؛ لكنه معارض بأمور:
أحدها: أن الأمر بمعرفة الله تعالى وارد، فإما أن يكون ذلك الأمر واردا بعد حصول المعرفة؛ وذلك محال؛ لأنه يلزم الأمر: إما بتحصيل الحاصل، أو