بالجمع بين المثلين، وهو محال، أو قبل حصول المعرفة، لكن المأمور قبل أن يعرف الأمر، استحال منه أن يعرف الأمر، فإذن قد توجه التكليف عليه حالة ما لا يمكنه العلم بذلك، وهو المطلوب.
الثاني: أن العلم بوجوب تحصيل معرفة الله تعالى ليس علما ضروريا لازما لعقول العقلاء وطباعهم، بل ما لم يتأمل الإنسان ضربا من التأمل لا يحصل له العلم بالوجوب، فنقول:
علمه بوجوب الطلب: إما أن يحصل قبل إتيانه بالنظر، أو بعد إتيانه به:
فإن حصل قبل إتيانه بالنظر، وهو قبل إتيانه بالنظر لا يمكنه أن يعلم ذلك الوجوب؛ لأن العلم بالوجوب مشروط بالإتيان بذلك النظر، وقبل الإتيان بذلك النظر، لو وجب عليه ذلك، لوجب عليه في وقت لا يمكنه أن يعلم كونه واجبا عليه، وذلك هو تكليف الغافل.
وإن حصل بعد إتيانه بالنظر، فبعد الإتيان بالنظر، حصل العلم بالوجوب؛ فلو وجب عليه في هذا الوقت تحصيل العلم بالوجوب، لزم: إما تحصيل الحاصل، أو الجمع بين المثلين.
الثالث: أن الصبي، والمجنون، والنائم غافلون عن الفعل، ثم إن أفعالهم توجب الغرامات والأروش.
الرابع: قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}[النساء: ٤٣] خاطب السكران، والسكران غافل، فثبت أنه يجوز خطاب الغافل.