والجواب: نحن لا ندعي أن وقوع الفعل من العبد مشروط بعلمه به، بل ندعي أن اختيار المكلف فعلا معينا لغرض الخروج عن عهدة التكليف مشروط بالعلم به؛ وهذا معلوم بالضرورة، ولا يقدح فيه ما ذكرتموه.
وأما المعارضة الأولى: فقد تقدم ذكرها في مسألة تكليف ما لا يطاق.
وأما الثانية: فمن الناس من زعم أن العلم بوجوب النظر ضروري، وهذا ضعيف؛ لأن العلم بكون النظر في الإلهيات مفيدا للعلم، وبكونه معينا في ذلك من أغمض المسائل وأدقها؛ لأن جمهور العقلاء، وإن ساعدوا على كون النظر مفيد للعلم في الجملة، كما في الحسابيات، والهندسيات، لكنهم نازعوا في كون النظر مفيدا للعلم في الإلهيات، وزعموا أن النظر فيها لايفيد إلا الظن.
ومن سلم ذلك، فقد قالوا: كما أن النظر يفيد العلم، فغيره أيضا قد يفيده؛ وهو تصفية الباطن.
وإذا كان العلم بوجوب النظر موقوفا على هذين المقامين النظريين، والموقوف على النظري أولى أن يكون نظريا؛ فثبت أنه لايمكن ادعاء الضرورة في ذلك.
واعلم أن هذه الحجة تؤيد القول بتكليف ما لا يطاق.
وأما وجوب الغرامات: فمعناه: إما خطاب الولي بأدائها في الحال، أو خطاب الصبي بعد صيرورته بالغا بأدائها.
وأما الآية: فلها تأويلان:
أحدهما: أنها خطاب مع من ظهرت منه مبادئ النشاط والطرب، وما زال