الحسن والقبح قد يعنى بهما: كون الشيء ملائما للطبع أو منافرا، وبهذا التفسير لا نزاع في كونهما عقليين.
وقد يراد بهما كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص كقولنا العلم حسن والجهل قبيح ولا نزاع أيضا في كونهما عقليين بهذا التفسير.
وإنما النزاع في كون الفعل متعلق الذم عاجلا وعقابه آجلا فعندنا أن ذلك لا يثبت إلا بالشرع، وعند المعتزلة: ليس ذلك إلا لكون الفعل واقعا على وجه مخصوص؛ لأجله يستحق فاعله الذم قالوا وذلك الوجه قد يستقل العقل بإدراكه وقد لا يستقل.
أما الذي يستقل، فقد يعلمه العقل ضرورة كالعلم بحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار وقد يعلمه نظرا كالعلم بحسن الصدق الضار وقبح الكذب النافع.
والذي لا يستقل العقل بمعرفته، فكحسن صوم آخر يوم من رمضان وقبح صوم الذي بعده فإن العقل لا طريق له إلى العلم بذلك لكن الشرع لما ورده به علمنا أنه لولا اختصاص كل واحد منهما بما لأجله حسن وقبح وإلا لامتنع ورود الشرع به.