قوله في الوجه الثالث:((وإن كان القسم الثاني كان المؤثر في الحكم وصفا حقيقيا، وهو المقر له في الحسن والقبح)).
معناه عدهم: أن الله - تعالى - خلق المهلكات للأجسام كالسم وغيره، وجعل فيها وصفا يقتضي الهلاك، وخلق المصلحات للأجسام كالأغذية وغيرها، وجعل فيها وصفا يقتضي الصلاح، فهذان الوصفان في القسمين مخلوقات لله صدرا عنه، وهما يؤثران في القبح والحسن والتحريم والتحليل، فظهر أن القسم الثاني هو مذهب المعتزلة.
((سؤال))
قال النَّقْشّوَانِيُّ: قوله في الوجه الثاني بعد هذا الجعل ((إما أن تبقى الحقيقة كما كانت أولا))، إنما يصح إذا كان الجعل حادثا، ويكون الجعل طارئا، لكن الجعل قديم؛ لأنه وربط الله - تعالى - الحد بالزنا في كلامه النفساني، أو علمه، وتقديره على رأي المعتزلة، على تقدير وجود الزاني بشروطه.
جوابه: أن الجعل يصدق مع القدم، بالنظر إلى ذات الممكن، فإن الله - تعالى - إذا قدّر وجود العالم، أو غيره من الممكنات صار واجبا أن يوجد، ولا التقدير، وما أضيف إليه من جهة الله - تعالى - لم يكن ليجب وجوده، فيصح عليه أن جعل واجبا، بمعنى صير، باعتبار ما يستحقه لذاته.