والجواب: أن هذه أحكام للركعة الباقية، مغايرة لذاتها؛ فكان نسخها مغايرًا لنسخ تلك الذات.
وأما نقصان الشرط المنفصل من العبادة، فلا يقتضي نسخ العبادة؛ لأنهما عبادتان، فإذا نسخ إحداهما؛ لدليل مقصورٍ عليها، لم يجز نسخ الأخرى.
فعلى هذا: نسخ الوضوء لا يكون نسخًا للصلاة، بل نفي الإجزاء مع فقد الطهارة قد زال؛ وذلك لأن الصلاة ما كانت تجزئ بلا طهارةٍ، فإذا نسخ وجوب الطهارة صارت مجزئةً، وارتفع نفي إجزائيها، فإن أراد الإنسان بقوله:(إن نسخ الوضوء يقتضي نسخ الصلاة) هذا المعنى - فصحيح، لكن الكلام موهم؛ لأن إطلاق القول بأن الصلاة منسوخة هو أنه قد خرجت عن الوجوب، أو عن أن تكون عبادةً، والله أعلم.
المسألة الثانية
النقصان من العبادة نسخ لما أسقط
قال القرافي: قال سيف الدين: اتفقوا على أن نسخ سنة من السنن، كنسخ ستر الرأس؛ والوقوف على يمين الإمام، لا يكون نسخا لتلك العبادة، أما ما تتوقف عليه العبادة فثلاثة أقوال:
لا يكون ناسخا.
وقال بعض المتكلمين: إنه نسخ مطلقًا، وإليه مال الغزالي.