قال الرازي: وهي مشتملة على فرعين من فروع تخصيص العلة:
الفرع الأول: إذا تخلف الحكم عن العلة، لا لمانع، فهل يقدح ذلك في صحة العلة أم لا؟.
قال قوم: لا يقدح؛ لأنا لم ندع في مثل هذه العلة كونها مستلزمة للحكم قطعا، بل ادعينا كونها مستلزمة للحكم ظاهرا، فتخلف الحكم عنها في بعض الصور لا يقدح في كونها مستلزمة له غالبا؛ فوجب ألا يكون مفسدا للعلة، والحق أنه مفسد للعلة؛ لأن ذات العلة: إما أن تكون مستلزمة للحكم، أو لا تكون:
فإن كانت مستلزمة له، وجب كونها كذلك أبدا، ولو كانت كذلك أبدا، لما زال هذا الحكم إلا لمزيل؛ وذلك المزيل هو المانع؛ فحيث زالت تلك المستلزمية، لا لمزيل، علمنا أن تلك الذات غير موصوفة بتلك المستلزمية؛ فوجب ألا تكون علة.
الفرع الثاني: المتمسك بالعلة المخصوصة، هل يجب عليه في ابتداء الدليل ذكر نفي المانع، أم لا؟ أما الذين قالوا: لا يجب ذكره في الابتداء قالوا: لأن المستدل مطالب بذكر ما يكون موجبا للحكم، ومؤثرا فيه، والموجب لذلك الحكم هو ذلك الوصف، وأما نفي المانع، فليس له دخل في التأثير، وإذا كان كذلك، لم يجب ذكره في الابتداء.