وقد علق علم التثبيت، وإذا كان سببًا، فنقول أيضًا: عدم السبب ليس شرطًا؛ لأن عدم السبب المعين لا يلزم من عدمه العدم، لجواز أن يخلفه سبب آخر، ولو كان شرطًا لترتب ضد الحكم وللزم من الشك فيه ألا نرتب ضد الحكم.
لكنا عند الشك فيه نرتب ضد الحكم؛ لأن سبب الضد يجري مجرى المانع، وقد تقدم أن الشك في المانع لا يمنع، فتأمل هذه المواضع؛ فإنها تلتبس على كثير من الفقهاء.
قوله:(لما وجب التوقف عند قيام المفسق وجب أن يعرف أنه في نفسه هل هو فاسق أم لا؟):
قلنا: قد تقدم أن الحكم بقوله ضد التثبت فيه، وأن انتفاء سبب الضد مانع، والمانع يكفي الشك فيه، ويرتب الحكم عكس الشرط والسبب، لأن المشكوك فيه كالمعدوم، كما تقدم تقريره، والمجهول مشكوك في فسقه، فتقبل روايته، ولا نتثبت.
(المسألة الثانية)
رواية المجهول غير مقبولة عند الشافعي، خلافًا للحنفية.
قال المازري في (شرح البرهان): قبلت الحنفية روايته، وقبلت شهادته أيضًا في الأموال دون الحدود والفروج، وخرج بعضهم من قول الشافعي:(إن النكاح ينعقد بالمستورين) قبول رواية المجهولين، فهو مذهب الشافعي حينئذ؛ لأجل هذا التخريج.
وأنكر بعضهم ذلك، وقال: إنما وزان الرواية إثبات النكاح بالمجهول، وهو لم يقل به.