وأما الثاني والثالث: فباطلان؛ لأن من يقول بالمؤثر، والداعي يقول:"المؤثر والداعي جهات المفاسد والمصالح، فالقول بأن الحكم الشرعي مؤثر، أو داع- خرق للإجماع؛ وهو باطل".
وثالثها: أن شرط العلة التقدم على المعلول، وتقدم أحد الحكمين على الآخر غير معلوم، فإذن: شرط العلية مجهول؛ فلا يجوز الحكم بالعلية.
ورابعها: أن الشرع إذا أثبت حكمين في صورة واحدة، فليس لأحدهما مزية على الآخر في الوجود، والافتقار، والمعلومية، فليس جعل أحدهما علة للآخر أولى من العكس، فإما أن نحكم بكون كل واحدة منهما علة للآخر؛ وهو محال، أو لا يكون واحد منهما علة للآخر؛ وهو المطلوب.
والجواب عن الأول: لا نسلم أن بتقدير التأخر لا يصلح للعلية؛ لأن المراد من العلة المعرف، والمتأخر يجوز كونه معرفا للمتقدم.
وعن الثاني: أنا نفسر العلة بالمعرف.
قوله:"الحكم في محل النص معرف بالنص، لا بغيره":
قلنا: سبق الجواب عنه في مقدمة الباب الثاني.
وعن الثالث: لا نسلم أن التقدم شرط العلية؛ على ما بيناه.
وعن الرابع: نقول: قوله: "ليس جعله علة للآخر بأولى من العكس":
قلنا: لا نسلم؛ فإنه ربما لا تتأتى المناسبة من الجانب الآخر.
وإن سلمنا ذلك، فنقول: إنه يجوز كون كل واحد منهما علة لصاحبة؛ بمعنى كون كل واحد منهما معرفا لصاحبه.
فرع: إذا جوزنا تعليل الحكم الشرعي بالحكم الشرعي، فهل يجوز تعليل