والحق أن يقال: لو لم يوجب على حكم الفرع دليل إلا ذلك القياس، لم يجز تقدم الفرع على الأصل؛ لأن قبل هذا الأصل لزم أن يقال:"كان هذا الحكم حاصلا من غير دليل، وهو تكليف ما لا يطاق، أو ما كان حاصلا ألبتة، فيكون ذلك كالنسخ" وأما إن وجد قبل ذلك دليل آخر سوى القياس بدل على ذلك الحكم فجائز؛ فإن ترادف الأدلة على المدلول الواحد جائز.
الباب الثاني
في شرائط الأصل
القسم الأول
قال القرافي: قوله: "متى عرف الحكم بعلة أخرى كانت العلة الثانية عدمية الأثر؛ فيكون التعليل بها ممتنعا":
قلنا: اجتماع المعرفات بعد تقدم بعضها غير ممتنع، لاسيما والعلة الأخرى تشهد لها المناسبة والاقتران.
"فائدة"
قال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الملخص": قال جماعة: يجوز القياس على فرع الأصل بعلته الأولى، أو بعلة، كقياس الذرة على الأرز المقيس على البر؛ لأن العلة إن كانت واحدة فقد حصل أصلان بتخير القياس بينهما للأرز والبر، قالوا: ولأن الحكم إذا ثبت في الأرز بعلة البر صار أصلا في نفسه أمكن أن يوجد فيه علة أخرى بينه وبين [الذرة] يقاس عليها الذرة، وتكون العلة الأولى كالنص يقع التعبد به بغيرها في الذرة.
وقال أبو الخطاب الحنبلي في "التمهيد" وأبو يعلى الحنبلي في "العمدة":