قوله:(لم يكن النصارى بالغين في ابتدائهم إلى حد التواتر ولم يكن شرعهم حجة إلى بعثة محمد عليه السلام).
قلنا: اشتراط حصول العلم في الشرائع إنما هو وضع شرعي، ولله- تعالى- أن يكلف بالعلم مرة، وبغيره أخرى؛ لأجل تعذره، وكذلك تقدم قول التبريزي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في أول الإسلام يبعث رسله إلى القبائل يبلغونهم أصول الديانات والتوحيد، وغيره من العقائد التي يشترط في زماننا فيها العلم، وذلك للضرورة في ذلك الوقت؛ لأنه- عليه السلام- لو بعث لكل قبيلة عدد التواتر لم يبق عنده أحد، ولم يف عددهم بذلك، وإذا كان ذلك وقع في شرعنا الذي هو أتم الشرائع للضرورة، فأولى أن يقع في شريعة عيسى عليه السلام؛ لأنه لم يؤمر بالقتال، ولا انتشرت كلمته قبل مفارقته للنصارى، بل كانت أصحابه نحو السبعين، وتفرقوا في البلاد، وكذلك الحواريون، فلم يحصل في جهة منهم إلا واحد، أو اثنان، فلم يشترط التواتر للضرورة.