للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ينبه على ذلك، ونظير ذلك: أنا نقطع بسخاء حاتم، وشجاعة عليٍّ؛ بسبب كثرة الاستقراء، ولو لم نجد لهما إلا سطورًا في كتاب، لم يحصل العلم، كذلك هذه المسائل تمسك فيها بأخبار الآحاد، والعلم يحصل لمن حصل له ذلك الاستقراء.

قوله: (يدل على أن (ما) للعقلاء قوله تعالى: {وما خلق الذكر والأنثى} [الليل: ٣] {والسماء وما بناها} [الشمس: ٥] {ولا أنتم عابدون ما أعبد} [الكافرون: ٣]):

قلنا: لا حجة في هذه الآيات؛ لأن (ما) فيها مصدرية تقديره: وخلق الذكر والأنثى، والسماء وبنائها، ولا أنتم عابدون عبادتي.

قوله: (اتفق أهل اللغة على ورودها بمعنى (الذي) و (الذي) يتناول العقلاء، فكذلك (ما):

قلنا: لا حجة في هذا؛ لأن (الذي) وضعت للقدر المشترك بين العقلاء وغير العقلاء؛ إما مفهوم الوجود الذي يتصف بصلتها، أو المعلوم الموصوف بالصلة.

وعندنا: (ما) وضعت لأحد نوعي ما وضعت له (الذي) و (من) وضعت للنوع الآخر، فإذا قلت: (رأيت ما عندك) فمعناه: الذي عندك فعبرنا عن ذلك الذي لا يعقل بـ (ما)، كما يعبر عنه بـ (الذي) عندك، فهي مرادفة لها في أحد نوعيها؛ فلا يلزم من صدقها بمعنى (الذي) في ألف صورة مما لا يعقل، وصحة التعبير بكليهما عن تلك الألف - أن تكون موضوعة للعقلاء، وإنما يتم ذلك أن لو نقلتم عن أهل اللغة أنها تستعمل فيما يعبر عنه بـ (الذي) في جميع ما يعبر عنه بـ (الذي) أما في بعض ما يعبر عنه بـ (الذي) فلا يفيد شيئًا؛ لاحتمال وقوع الترادف بينهما؛ لأن (ما) موضوعة لأخص مما وضعت له (الذي) والموضوع للأخص لا يرادف ما وضع للأعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>