للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذين الموضعين سيأتي- إن شاء الله تعالى- ثم نقول على الوجه الثاني خاصة: لم قلت: لما حصل الظن في المثال المذكور، وجب حصوله في حق الله تعالى؟!

قوله: (الدوران يفيد الظن):

قلنا: لكن بشرط ألا يظهر وصف آخر في الأصل، وها هنا قد وجد، وبيانه من وجهين:

الأول: أنا إنما حكمنا بذلك في حق الملك؛ لعلمنا بأن طبعه يميل إلى جلب المصالح، ودفع المفاسد، وذلك في حق الله تعالى مفقود.

الثاني: أن المعتبر ليس دفع عموم الحاجة، بل دفع الحاجة المخصوصة، فمن عرف عادة الملك، وأنه يراعي هذا النوع، أو ذاكـ لا جرم: يحصل له ظن أن غرض الملك من هذا الفعل هذا المعنى، أو ذاك، وأما عادات الله تعالى في رعاية أجناس المصالح، وأنواعها، فمختلفة؛ ولذلك قد يكون الشيء قبيحًا في عقولنا، وإن كان حسنًا عند الله تعالى، وقد يكون بالعكس؛ ولهذا المعنى نقطع الآن بقبح جميع الشرائع الواردة في زمان موسى وعيسى- عليهما السلام- وبحسن شريعتنا، وإن كان التفاوت فيه غير معلوم لنا الآن، وإذا كان كذلك، ظهر الفرق بين الصورتين.

سلمنا أن ما ذكرتموه يدل على قولكم؛ لكنه معارض بأمور:

أحدها: أن أفعال الله تعالى وأحكامه، لو كانت لدفع حاجة العبد، لكانت الحاجات بأسرها مدفوعة، واللازم باطل؛ فالملزوم مثله.

بيان الملازمة: أن الحاجات المختلفة مشتركة في أصل كونها حاجات،

<<  <  ج: ص:  >  >>