لأن تمام قولنا:(اضرب) حاصل في قولنا: (لا تضرب) مع زيادة حرف النهي، لكن قولنا:(اضرب) يفيد طلب الضرب مرة واحدة، فلو كان قولنا:(لا تضرب) يفيد الانتهاء أيضا مرة واحدة، لما تناقضنا؛ لأن النفي والإثبات في وقتين لا يتناقضان، فلما كان مفهوم النهي مناقضا لمفهوم الأمر، وجب ان يتناول النهي كل الأوقات حتى تتحقق المنافاة.
وثالثها: أن قوله: (لا تضرب) لا يمتنع حمله على التكرار؛ وقد دل الدليل على حمله على التكرار؛ فوجب المصير غليه.
إنما قلنا: إنه لا يمتنع حمله على التكرار؛ لأن كون الإنسان ممتنعا عن فعل المنتهى عنه أبدا ممكن، ولا عسر فيه.
وأما أن الدليل دل عليه؛ فلأنه ليس في الصيغدلالة على وقت دون وقت؛ فوجب الحمل على الكل؛ دفعا للإمال بخلاف الأمر؛ فإن يمتنع حمله على التكرار، لإفضائه إلى المشقة.
والجواب عن الأول: أنه لا نزاع في أن النهي يقتضي امتناع المكلف عن إدخال تلك الماهية في الوجود، ولكن الامتناع عن إدخال تلك الماهية في الوجود، قدر مشترك بين الامتناع عنه دائما، وبين الامتناع عنه، لا دائما؛ كما تقدم بيانه.
واللفظ الدال على القدر المشترك لا دلالة له على ما به يمتاز كل واحد من القسمين عن الثاني؛ فإ
ذن لا دلالة في هذا اللفظ على الدوام ألبتة.
وعن الثاني: أنك إن أردت بقولك: إن الأمر والنهي دلا على مفهومين متناقضين: أن هذا يدل على الإبات، وذلك يدل على النفي - فهذا مسلم،