للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنا نجوز هذا الاحتمال في كل الإجماعات، ولا نعلم عدمه؛ فوجب ألا ينعقد شيء من الإجماعات.

واحتج المخالف بأمورٍ:

أحدها: أن عليًا رضي الله عنه، سئل عن بيع أمهات الأولاد، فقال: (قد كان، رأيي، ورأي عمر ألا يبعن، ثم رأيت بيعهن).

فقال له عبيدة السلماني: (رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك)؛ فدل قول عبيدة على أن الإجماع كان حاصلا، مع أن عليًا رضي الله عنه خالفه.

وثانيها: أن الصديق كان يرى التسوية في القسم، ولم يخالفه أحد في زمانه، ثم خالفه عمر بعد ذلك.

وثالثها: أن الناس ما داموا في الحياة يكونون في التفحص والتأمل؛ فلا يستقر الإجماع.

ورابعها: قوله تعالى:} لتكونوا شهداء على الناس {[البقرة:١٤٣] ومذهبكم يقتضي أن يكونوا شهداء على أنفسهم أيضًا.

وخامسها: أن قول المجمعين لا يزيد على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كانت وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - شرطًا في استقرار الحجة من قوله؛ فلأن يعتبر ذلك في قول أهل الإجماع أولى.

والجواب عن الأول: أن قول السلماني: (رأيك في الجماعة) دل على أن المنع من بيعهن كان رأي جماعةٍ، ولم يدل على أنه كان رأي كل الأمة، وإنما أراد أن ينضم قول علي إلى قول عمر، رضي الله عنهما؛ لأنه رجح قول الأكثر على قول الأقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>