وإنما قلنا: إن الصلاة في الدار المغصوبة صلاة؛ لأن الصلاة في الدار المغصوبة صلاة مكفئة، والصلاة المكفئة صلاة مع كيفية، فيكون مسمى الصلاة حاصلا.
وإنما قلنا: إن الصلاة مأمور بها؛ لقوله تعالى:{وأقيموا الصلاة}[البقرة: ٣٤ - ٨٣ - ١١٠].
والواجب: أن الذي ندعيه في هذا المقام: أن الأمر بالشيء الواحد، والنهي عنه من جهة واحدة - يوجب التكليف بالمحال.
ثم إن جوزنا التكليف بالمحال، جوزنا الأمر بالشيء الواحد والنهي عنه؛ من جهة واحدة، وإن لم نجوز ذلك، لم نجوز هذا أيضا؛ فلنبين ما ادعيناه فنقول: متعلق الأمر: إما أن يكون عين متعلق النهي، أو غيره:
فإن كان الأول: كان الشيء الواحد مأمورا به، منهيا عنه معا، وذلك عين التكليف بما لا يطاق، والخصم لا يجعل هذا النوع من التكليف، من باب تكليف ما لا يطاق.
وإن كان الثاني: فالوجهان: إما ان يتلازما، وإما ألا يتلازما:
فإن تلازما: كان كل واحد منهما من ضرورات الآخر والأمر بالشيء أمر بما هو من ضروراته؛ وإلا وقع التكليف بما لا يطاق.
وإذا كان المنهي من ضرورات المامور، كان مأمورا؛ فيعود غلى ما ذكرنا؛ من أنه يلزم كون الشيء الواحد مأمورا، ومنهيا معا.
وإن لم يتلازما: كان الأمر والنهي متعلقين بشيئين لا يلازم أحدهما صاحبه، وذلك جائز؛ إلا أنه يكون غير هذه المسألة التي نحن فيها.