حتى استدل الحنفية: على أن وقف غير الأنبياء - عليهم السلام - يورث بطريق المفهوم، فلا يكون في الحديث على هذا حجة لعدم توريثها مطلقًا.
فقال السني وكان لا يعرف النحو: لا أدري ما صدقة، ولا صدقة، ولكن هذا الحديث قيل لمن هو أعلم منك باللغة، وكلام العرب، وهو فاطمة - رضي الله عنها - لما ذكره لها أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فاعترفت به، ولم تقل ما قلت.
ولو كان ما قلته صحيحًا لقالته - رضي الله عنها-، فانقطع الإمامي، فلو لم يوفق الله - تعالى - السني لهذا الجواب لانقطع بسبب تغير المعنى بتغير الإعراب.
ونظيره: قوله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر، وعمر) بالخفض على البدلية، فيكونان هما المقتدى بهما.
والإمامية: يرون بزعمهم بالنصب على النداء: يا أبا بكر وعمر، فيكونان على هذا التقدير مأمورين بالاقتداء بغيرهما؛ لا أن غيرهما مأمور باتباعهما، فيختلف المعنى؛ لأجل اختلاف الإعراب، ونظائره كثيرة.
وأما التصريف: فلأنه إنما يفتى بجلد الزاني، والزانية، إذا علم أن اسم الفاعل من زنا يزنى: زانٍ وزانية.
أما لو جوزنا: أن يكون هذا اللفظ لغير ذلك، لاختلف الحكم، وكذلك إنما يفتي بقتل المشركين، إذا علم أن اسم الفاعل من أشرط: مشرك، ونظائره كثيرة، وهذا من باب التصريف.
وأما الحد والبرهان: فلأن الحدود هي التي تضبط بها الحقائق التصورية، فمن علم ضابط شيء، فهو مستضئ بذلك الضابط، فأي محل وجد الضابط عليه، قضى بأنه تلك الحقيقة، وما لا فلا، وهو معنى قول بعض العقلاء: