فإذا أضيفت (غير) إلى ضارب امتنع عمله في زيد، لأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، لأن المعمول من صلة العامل، وجزء منه، ففيه صيرورة بعض أجزاء الكلمة قبل أولها، وهو عكس الكلام، وهذا المحذور منفى مع (لا)، وقد وقع في بعض الأشعار ما قبل (غير) معمولا لما هي مضاف إليه، قالوا: و (غير) هنالك يكون معناها (لا) مستعملة في مطلق السلب، فلذلك جاز ذلك.
التاسعة: القاعدة العقلية تقتضي أن كل مبتدأ محصور في خبره نكرة نحو زيد قائم، أو معرفة نحو: زيد القائم؛ لأن المبتدأ يجب عقلا أن يكون أخص من الخبر نحو: الحيوان جسم، أو مساويا نحو: الحيوان حساس، أما كونه أعم فمحال، فلو قلت: الجسم حيوان، كذب، لأن معناه: كل جسم فهو حيوان، وعلى هذا يلزم الحصر قطعا؛ لأن المساوي محصور في مساويه، والأخص محصور في أعمه بالضرورة، وإذا لزم الحصر في الجميع مع إجماعهم على قولنا: زيد قائم، لا يقتضي سلب غير القيام عنه، بخلاف إذا قلنا: إنما زيد قائم، أو زيد صديقي كما تقدم، فيتعين أن يكون الحصر في زيد قاذم باعتبار سلب النقيض، والضد المنافي لمطلق القيام أي: زيد لا يجوز اتصافه بنقيض ما حكم به عليه، وفي النظائر الأخر الحصر باعتبار سلب النقيض، والضد، والخلاف، لإنك إذا قلت: زيد قائم، فقد أثبت له مطلق القيام، ونقيض مطلق القيام سلب القيام دائما ومتى صدق مطلق القيام امتنع صدق سلب القيام دائما، فقد تعين الحصر في مفهوم القيام، وتعين سلب نقيضه عنه.
وإذا قلت: إنما زيد قائم معناه: لا صفة له إلا القيام فيسلب عنه نقيض القيام، والضد نحو الجلوس الدائم، والخلاف نحو الفقه، والطب، واللون، وجميع الصفات التي يمكن جمعها مع مفهوم القيام، وعلى هذا