عبدي هذا؛ لأنه عصاني، وشرب لما عطش، فلا يكون ذكر قيد من هذه القيود إلا لاشتماله على المناسبة للعقوبة، ولا نعني بكونهم مخاطبين بالفروع إلا هذا القدر، أن أفعالهم في مخالفة الفروع سبب مناسب للعقوبة، وأما استقلاله بدخول (سقر) فلا يكون، والقائل بأنهم ليسوا مخاطبين يقول: أفعالهم في الفروع كالبهائم، وكما لا يحسن عقوبة البهائم شرعا على شرب الخمر، فكذلك الكفار.
قوله:" الثالث: قوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ... الآية}[الفرقان: ٦٨].
قلنا: هذه الآية كلها نواه، فلا يمكن أن يقال فيها: وإذا ثبت خطابهم بهذه الفروع المخصوصة خوطبوا بجميع الفروع؛ لأنه لا قائل بالفرق؛ لأن من الناس من قال: مخاطبون بالفروع في النواهي فقط.
والضابط: أنه متى كان في الآية أمر أمكن أن يقال فيه: لا قائل بالفرق؛ لأنه مهما ثبت الأمر ثبت النهي إجماعا، ومتى كانت الآية مشتملة على نواه فقط لا يمكن أن يقال فيها: لا قائل بالفرق؛ لأن القائل بالاقتصار على النواهي موجود، ومتى كانت الآية مشتملة على القسمين أمكن أن يقال: لا قائل بالفرق لتناولها بعض الواجبات دون المحرمات، فتأمل ذلك، ولا بد في كل دليل من هذه الأدلة من قولنا: ولا قائل بالفرق؛ لأن الدعوى عامة والآية التي ذكرها خاصة، فلا تسمع ما لم يضم إليها هذه المقدمة، وهو لم يذكرها أصلا، فعلى هذا تكون أدلته غير مسموعة، كمن قال: اللحم كله حرام؛ لأن الخنزير حرام، والمشروب كله حرام؛ لأن الخمر حرام، وكل عدد زوج؛ لأن العشرة زوج، فكل أدلته من هذا القبيل، فلا تسمع إلا بالمقدمة المذكورة، فليكن هذا التقرير عندك ثابتا في الجميع.