عبادي الذين أسرفوا} وبين قوله تعالى:{إنه لا يحب المسرفين}[الأعراف: ٣١]: أن الأول يشترط فيه الوجود والاتصال بتلك الصفة الواقعة في الخطاب، حتى يكون حقيقة، والثاني لا يشترط فيه الوجود، ولا حصول ذلك الوصف في كونه حقيقة، بل يصدق اللفظ حقيقة في المعدوم أيضا، وسر الفرق: ما تقدم بسطه في " باب المشتق " هل يشرط بقاؤه حالة إطلاق المشتق منه أم لا؟ من أن المشتق تارة يكون محكوما به، وتارة يكون متعلق الحكم، فإن كان محكوما به، اشترط وجوده، وإن كان متعلق الحكم، فلا، وبسطه هناك، وبيان مدركه، فلا أطول بإعادته، فقوله تعالى:{ولله على الناس حج البيت}[آل عمران: ٩٧] و {إنه لا يحب المسرفين}[الأعراف: ٣١] يتناول الناس، وجملة المسرفين أبد الآبدين؛ ويكون حينئذ بخلاف القسم الآخر، وبه يظهر الجواب عن قوله في الرد على استدلال الجماعة؛ بأن لفظ الناس والجماعة والأسود والأحمر لا يتناول إلا الموجودين؛ لأنا نقول: قوله عليه السلام: " بعثت للأسود والأحمر ": هاهنا متعلق الحكم يعم الموصوفين بهذه الصفات إلى قيام الساعة، ويكون حقيقة؛ لأنه متعلق الحكم، لا محكوم به. فإذا قلنا:" هذا أحمر، هذا أسود " المعنى هاهنا محكوم به، وكذلك الجواب عن البقية، فتأمل ذلك وراجعه من " مسألة الاشتقاق " يتضح لك أكثره، ويندفع بهذه القاعدة أسئلة كثيرة في أصول الفقة، وفي الفقه والتفسير ومواضع كثيرة، ويعرف بها التخصيص من المجاز في هذه المواطن؛ حتى إنه ينبغي أن يجعل هذا من جملة الفروق المذكورة بين المجاز والحقيقة في باب المجاز؛ فقوله تعالى:{فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥] يتناول كل مشرك إلى قيام الساعة؛ بخلاف: هؤلاء مشركون، وقوله تعالى:{الزانية والزاني}[النور: ٢] يتناول جميع الزناة، وقولنا:" واصحب العلماء والزهاد " يتناولهم إلى قيام الساعة؛ لأن هذا كله متعلق الحكم؛ لأن الله تعالى حكم