للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجماعا؟ فلا يتصور حصول الإجماع في هذه الصورة، فلا تصدق الكلية وهي أن كل حكم شرعى ثابت بالإجماع؛ لأنكم تعنون بالحكم الشرعى:

ما أفتى به المجتهدون لا الواقع في نفس الأمر.

وخامسها: أنَّ من الأحكام ما ينقض إذا حكم به حاكم، وهو ما خالف أحد أمور أربعة:

الإجماع والنص والقياس الجلى والقواعد، على ما بُسط وقرر في الفقه، وما لا يقرر بعد تأكده بحكم الحاكم أولى ألا يقرر في الشريعة قبل تأكده بالحكم، فلا يتكون تلك الفتاوى مُتَّفقا على أنها حكم الله تعالى، فلا تصدق الكلية أن كل حكم أفتى به المفتى ثابت بالإجماع.

وسادسها: سلمنا جميع ما ذكرتموه، لكنه إنما يتم إذا قلنا: إن كل مجتهد مصيب، أما إذا قلنا: إن المصيب واحد ليس مرسلا، وهو الصحيح، تكون جميع الفتاوى ما عداه خطأ، والخطأ لا يكون حكم الله تعالى بالإجماع، بل معفو عنه، أما أنه حكم الله تعالى في نفس الأمر فلا، فضلا عن دعوى الإجماع فيه.

والجواب عن الأول: أن الحكم بالراجح من الدليلين معلوم بالضرورة من دين محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ فإن الاجتهاد مشروع بالضرورة، فعند التعارض محال بالضرورة أن يقال بترك الراجح لأجل المرجوح، فيتعين ترك المرجوح لأجل الراجح، ولأنه ليس مطلوب المجتهدين في جميع الأعصار والأمصار إلا الراجح ليحكموا به، فإن التعارض معلوم الوقوع بالضرورة بين الظواهر والأقيسة، والقواعد، وطلب السالم عن المعارض محال، بل المطلوب الراجح ليس إلا، ومن استقرأ هذه الأمور علم أن القضاء بالراجح معلوم من الدين بالضرورة. وفي التفاوى، والأقضية، وقيم الُمتلفات، وأُرُوش الجنايات، وإذا كان القضاء بالراجح معلوما من الدين بالضرورة،

<<  <  ج: ص:  >  >>