فالأولى أن يكون مجمعا عليه، لاستحالة حصول الخلاف فيما هو معلوم منا لدين بالضرورة، وقد نقل هذا الإجماع جماعة من الأصوليين.
وعن الثاني: أن الإجماع قطعى ومخلافه كافر، بل قواعد أصول الفقه كلها قطعية، غير أن القطع لا يحصل بمجرد الاستدلال ببعض الظواهر، بل بكثرة الاستقراء لموارد الأدلة، ومن كثرت مطالعته لأقضية الصحابة رضوان الله عليهم، واستقراؤه لنصوص الكتاب والسنة حصل القطع، غير أن ذلك يتعذر وضعه في كتاب، فوضع في الكتب ما تيسر وضعه، وما ذلك إلا كشجاعة على وسخاء حاتم.
لو لم نجد فيهما حكاية موضوعة في كتاب واحد لم يحصل لنا القطع بهما، لكن القطع حاصل بهما بكثرة الاستقراء، والمطالعة التى لا يوجد مجموعهما في كتاب واحد، فلذلك قلنا: إنا قاطعون بشجاعة على وسخاء حاتم، كذلك من أراد القطع بقواعد أصول الفقه من الإجماع والقياس وغيرهما، فلتيوجه للاستقراء التام في أقضية الصحابة، ومناظراتهم، وأجوبتهم وفتاويهم، ويكثر من الاطلاع على نصوص السنة والكتاب، فيحصل له من جميع ذلك ومن القرائن الحالية، والسياقات اللفظية، القطع بهذه القواعد، الغفلة عن هذا المُدرك هو الموجب لقول من قال: الإجماع ظني، لأنه لم يطلع إلا على نصوص يسيرة في بعض الكتب، فهو كم لم ير لحاتم غير حكايات يسيرة في بعض الكتب، فلا يجد في نفسه غير الظن،