فيقول سخاء حاتم مظنون، مع أنه في نفس الأمر مقوطع به عند غيره ممن كمُل استقراؤه.
هذه قاعدة جليلة شريفي ينبغى أن يتفطَّن لها، فإنها أصل كبير من أصول الإسلام، وهو سر قول العلماء: إن قواعد الدين قطعية، وعدم العلم بها هو سبب المخالفين في ذلك، ومثال الفريقين كفريقين تواتر عند أحدهما قضية لم تتواتر عند الآخر، ففتى كل واحد منهما على مدركه من الظن والقطع، وقد تكون الرسالة المحمدية لم تبلغ لبعض الناس، وقد تبلغ بأخبار الآحاد، ولا يقدح ذلك في أنها قد قطع بها في نفس الأمر.
وعن الثالث: أنه وإن ادعى ذلك، فإنَّه لم يفرع عليه، بل فرع على مذهب الجماعة، فالتفريع صحيح، والإلزام صحيح.
وعن الرابع: أن الأمارة وإن اختلتف فيها فالفتيا عليها، كالفتيا بالحكم المختل فيه، فحكم الله - تعالى - في حق كل مجتهد ما أدى إليه اجتهاده في المدرك المختلف فيه، والحكم المختلف فيه، نعم لو حكم لمدرك مجمع على بطلانه لم نقل إنه حكم الله - تعالى - في حقه، إلا أن يكون قد التبس عليه، أما مع العلم بأنه غير مدرك فليس بحكم الله - تعالى - في حقه إجماعا.
وقد حكى الغزالى في ((المستصفى)) على أن المجتهد إذا أخطأ