للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل (مزمل) بالرفع، فخفض على الجوار، والأحسن ما قاله سيبويه: أن العرب يقرب عندها المسح من الغسل؛ لأنهما إمساس بالماء، فلما تقاربا في المعنى، حسن العطف؛ كقولهم [مجزوء الكامل]:

ولقد رأيتك في الوغى .... متقلدًا سيفًا ورمحًا

لأن كليهما يحمل، وإن كان الرمح لا يتقلد، بل يعتقل، فسواه به؛ لمقاربته له في المعنى، فمهما أمكن المشاركة في المعنى، حسن العطف، وإلا امتنع في فصيح الكلام إلا لضرورة.

قال: فإن قلت: فقد صرف في القرآن ما لا ينصرف، وهو إنما اتضح؛ للضرورة في قوله تعالى: {سلاسلا وأغلالاً} [الإنسان: ٤].

قال: قلت: الفرق أن الصرف رد للأصل، والعطف على الجوار خروج عن الأصل؛ فافترقا.

قال المازري في (شرح البرهان): وأجابوا بأجوبة أخرى:

أحدها: أن الخفض على الجوار إنما يجوز حيث يؤمن اللبس؛ كالبيت المتقدم، وقول العرب: (هذا جحر ضب خربٍ) والآية محتملة؛ فيمتنع.

وثانيها: أنه إنما يحسن مع عدم حرف العطف، وهاهنا حرف العطف فيمتنع؛ لأنه يؤدي إلى تغيير قواعد العوامل التي اقتضى العاطف التشريك فيها.

وثالثها: قال سيبويه قولهم: (هذا جحر ضب خربٍ) إنما جاز في

<<  <  ج: ص:  >  >>