الثاني: أن يقال: إنها، وإن كانت خاليةً عن جميع جهات المفسدة، لكن لا يجب على الله تعالى فعلها، ثم إن كل واحدٍ من هذين الاحتمالين قائم فيما ذكروه؛ فيبطل به أصل دليلهم.
سلمنا أنه لابد من الإمام؛ فلم قلت: إنه معصوم؟.
قوله:(ولو لم يكن معصومًا، لافتقر إلى لطفٍ آخر).
قلنا: نعم؛ لكن لم لا يجوز أن يكون ذلك اللطف هو الأمة؟.
فإنا قبل قيام الدلالة على أن الإجماع حجةٌ، نجوز كونه حجةً، وذلك التجويز يكفينا في ذلك المقام؛ لأنهم هم المستدلون؛ فيكفينا أن نقول: لم لا يجوز أن يكون الإمام لطفًا لكل واحدٍ من آحاد الأمة، ويكون مجموع الأمة لطفًا للإمام؟ فعليهم إقامة الدليل على أنه لا يجوز أن يكون مجموع الأمة معصومًا.
ومعلوم أنه لا يكفي في ذلك قدحهم في أدلتنا على أن الإجماع حجة.
سلمنا كونه معصومًا؛ فلم قلت: إن الإجماع يشتمل على قوله؟
وتقريره ما بيناه في أول الباب: أن العلم باتفاق كل الناس بحيث يقطع بأنه لم يشذ واحد منهم في الشرق والغرب - متعذر لا سبيل إليه.
سلمنا وجود قوله؛ لكن لا نسلم أن قوله صواب؛ لأن عندهم يجوز أن يفتي الإمام بالكفر، والبدعة؛ على سبيل التقية والخوف، ويحلف بالله تعالى، والأيمان التي لا مخرج منها: أن الأمر كذلك، وإذا كان كذلك، فلعله لما رأي أهل العالم متفقين على ذلك القول، خاف من مخالفتهم، فأظهر الموافقة على ذلك الباطل.