فكذلك هاهنا. وإنما يلزم ما ذكرتموه أن لو كان ترك العمل بهما معسرًا بالقضاء باعتبار الراجح والمرجوح، فيقضى بالصدق والكذب معًا، أو يعدم ويحجم، أما الإهمال مطلقًا فلا يلزم بحال، وهو الذي ادعاه الخصم.
قلنا: الفرق أن المعجزة أصل الدين كله، فأشبه قواعد العقائد، فاشترط فيه اليقين، بخلاف فروع الدين أمرها أخف، فاكتفى فيها بالظن.
قوله:(لو اكتفى بالظن في الفروع لاكتفى به في الأصول):
قلنا: الفرق أن الظان في الفروع على تقدير خطئه، فهو ينسب إلى الله-تعالى- ما هو جائز عليه، فإن جميع الأحكام الشرعية ونقائضها، وأضدادها جائزة على الله-تعالى- ولوجود الظن في أصول الدينات، فعلى تقدير خطئه يكون الظان نسب إلى الله-تعالى- ما هو كفر، وما هو مستحيل عليه-سبحانه وتعالى- فلذلك لم نجز الظن في العقائد، بل ولا التقليد أيضًا لهذا السر، وهذا فرق عظيم بين البابين سمعته من الشيخ عز الدين بن عبد السلام.
قوله:(لو كان الظن مؤثرًا في المصلحة، لجاز أن يعمل بجرد التشهي):
قلنا: الفرق أن الظن إصابته غالبة، وخطؤه نادر، والعقلاء وصحاب الشرع يغلبون الغالب على النادر.
قوله:(احتجوا بقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم}[الإسراء: ٣٦] ونحوه).
قلنا: هذه الآيات ظواهر وعمومات عارضتها عمومات أخر نحو قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ ....}[الحجرات: ٦]، وما تقدم معه من العمومات، وإذا حصل التعارض وجب التوفيق بحمل آيات العلم على