ذكرنا أن من أنواع التخريج التوصل إلى أصول الأئمة وقواعدهم من خلال استقراء وتتبع الفروع الفقهية المروية عنهم، واكتشاف عللها وما بينها من علاقات وقلنا إنه من الممكن أن نطلق على ذلك (تخريج الأصول من الفروع)، وفي الحق إن التخريج بالمعنى المذكور (١) ليس علماً محدداً، ولكن ثمرته هي أصول الفقه وقواعده الكلية، كما أنه ليس علم أصول الفقه نفسه، لأن ثمرة الشيء خارجة عن حقيقته وماهيته، وإذا أردنا أن نضع تعريفاً تقريباً له، قلنا: إنه (العلم الذي يكشف عن أصول وقواعد الأئمة من خلال فروعهم الفقهية وتعليلاتهم للأحكام).
فقولنا:(العلم) كالجنس يشمل المعرف وغيره.
وقولنا:(الذي يكشف عن أصول ...) قيد أخرج ما ليس كذلك،
(١) في موسوعة الفقه الإسلامي الصادرة عن جمعية الدراسات الإسلامية بإشراف الشيخ محمد أبو زهرة- رحمه الله – (إن علماء التخريج ومجتهديهم هم الذين يستخلصون القواعد التي كان يلتزمها الأئمة السابقون، ويجمعون الضوابط الفقهية التي تتكون من علل الأقيسة التي استخرجها العلماء) ١/ ٥٩. نقل ذلك محمد هشام الأيوبي في كتابه (الاجتهاد ومقتضيات العصر) ص ١٣٣ وكلام الموسوعة يقصر التخريج على أحد أنواعه، وهو تخريج الأصول من الفروع، وسبق أنبينا أنه أعم من ذلك.