للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

حكم نسبة الأصول المخرجة إلى الأئمة

ذكرنا في المبحث السابق أن كثيراً من أصول الأئمة لم ينص عليها من قبلهم وإنما هي مخرجة من فروعهم الفقهية، اجتهاداً من أهل التخريج، بناء على فهمهم لنصوص الأئمة وإدراكهم لعللها، والمعاني الرابطة بينها عند تعددها، وإذا كان الأمر كذلك فإن احتمالات الخطأ في تخريج القواعد والأصول أمر ممكن، ولا يمكن القطع بنسبتها إليهم - لا سيما إذا كانت مبنية على فروع جزئية محدودة، أو باستقراء جزئي مبتور.

وهذا الأمر - كما يظهر- هو الذي دعا بعض العلماء إلى إنكار مثل هذه التخريجات، على تفاوت بينهم في ذلك، فابن برهان (ت ٥١٨هـ) (١) ينكر ذلك جملة وتفصيلاً، فقد قال في مسألة اقتضاء الأمر الفورية أو عدمها، وما نسب من آراء بشأنها على أبي حنيفة والشافعي - رحمهما الله-: (وهذا خطأ


(١) هو: أبو الفتح أحمد بن علي بن محمد الوكيل المروف بابن برهان الحنبلي ثم الشافعي. ولد ببغداد وفيها نشأ وتلقى علومه على مشاهير علماء زمانه، كأبي حامد الغزالي وأبي بكر الشاشي، وألكيا أبي الحسن الهراسي. كان حاد الذكاء سريع الحفظ، غلب عليه علم الأصول، وكان يُضرب به المثل في حل الإشكال. درس بالنظامية شهراً واحداً وعزلن ثم تولى ذلك ثانياً يوماً واحداً وعزل أيضاً. وكانت وفاته ببغداد سنة ٥١٨هـ وقيل غير ذلك.
من مؤلفاته: الوصول على الأصول، والبسيط، والأوسط في علم الأصول أيضاً، وله الوجيز في الفقه.
راجع في ترجمته: وفيات الأعيان ١/ ٨٢، طبقات الشافعية للأسنوي ١/ ٢٠٨، الأعلام ١/ ١٧٣ الفتح المبين ٢/ ١٥.

<<  <   >  >>