للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

نشأة العلم وتطوره

ذكرنا أن تخريج الفروع على الأصول، على نمط ما هو عند الزنجاني، والدبوسي، والأسنوي وغيرهم، متصل اتصالاً مباشراً بأسباب اختلاف الفهقاء، أو على وجه التحديد بواحد من تلك الأسباب، هو الاختلاف في الأدلة والقواعد والضوابط الأصولية أو الفقهية التي ترتب عليها الاختلاف في أحكام الفروع الفقهية.

والتخريج بالمعنى المذكور، لم نجد فيما أطلعنا عليه من موسوعات العلوم الإسلامية (١)، من أفرده بالحديث أو عده علماً مستقلاً.

لكننا نجد أن طائفة من العلماء حينما تكلمت عن الخلافيات وبينت منشأ ما حدث بين فقهاء الأمة من الخلافات، وكيفية نشوء التقليد واختفاء الاجتهاد، وجريان المناظرات بين أتباع المذاهب، أشارت إلى ما يمس هذا العلم، بمعناه لا باسمه ومصطلحه. قال ابن خلدون (ت ٨٠٨هـ): (وكان في هذه المناظرات بيان مآخذ هؤلاء الأئمة ومثارات اختلافهم ومواقع اجتهادهم، وكان هذا الصنف يسمى بالخلافيات، ولابد لصاحبه من معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام كما يحتاج إليها المجتهد) (٢).

ونجد من العلماء، كطاش كوبري زاده (ت ٩٣٥هـ) (٣)، من سار على


(١) ككتاب (إحصاء العلوم) لأبي جعفر محمد بن محمد الفارابي (ت ٣٣٩هـ)، وكتاب (مفاتيح العلوم) لمحمد أحمد الخوارزمي (ت ٣٨٧هـ)، والفهرست لأبي الفرج محمد بن إسحاق النديم (ت ٣٨٥هـ).
(٢) مقدمة ابن خلدون ص ٨٨ - ٨٢٠.
(٣) هو: مصطفى بن خليل طاش كبرى زاده، ولد ببلدة طاش كبرى، وقرأ على أبيه =

<<  <   >  >>