للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نأمره بالصلاة على قول ابن القاسم (١) وأشهب (٢)، ثم إذا صلى هل يقضي تلك الصلاة إذا وجد ماء أو صعيداً أو لا يقضيها.

فابن القاسم: يأمره بقضائها، وأشهب لا يأمره بذلك، لأنه يرى أن المكلف لما أمر بأداء الصلاة على تلك الحالة، فإذا فعل ما أمر به انقطع عنه التكليف، لأن الأمر يقتضي الإجزاء، ويلزم من الإجزاء سقوط القضاء.

وكذلك: من لم يجد ثوباً فصلى عرياناً، ثم وجد ثوباً، فيه قولان هل يعيد أو لا يعيد بناء على هذا الأصل.

وكذلك من التبست عليه القبلة، فصلى إلى جهة غلب على ظنه أنها القبلة، ثم تبين أن القبلة غيرها. وأمثال ذلك.

والمحققون من الأصوليين: يرون أن الأمر يقتضي الإجزاء، وانقطاع التكليف عند فعل المأمور به. لأن الأمر إما أن يكون متناواً لزيادة على ما أتى به المكلف أو لا يكون متناولاً للزيادة، فإن كان متناولاً للزيادة: لم يكن المكلف حينئذ آتيا بكل ما أمر به، والفرض أنه آت بكل ما أمر به، وإن كان


(١) هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري، كان من أصحاب مالك البارزين، صحبه عشرين عاماً، ونقل عنه الكثير من آرائه، وهو صاحب المدونة في مذهب مالك، وعنه أخذها سحنون. جمع بين الزهد والعلم، قال عنه أبو زرعة: مصري ثقة رجل صالح، وكان ميسور الحال، أنفق أموالاً كثيرة في طلب العلم. أخذ عنه أصبغ وسحنون وآخرون. توفي في مصر سنة ١٩١هـ.
راجع في ترجمته: وفيات الأعيان ٢/ ٣١١، والانتقاء ص ٥٠، وطبقات الفقهاء للشيرازي ص ١٥٠، وشذرات الذهب ١/ ٣٢٩، والأعلام ٣/ ٣٢٣.
(٢) هو أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري، المصري، كان من أصحاب مالك، قال عنه الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب لولا طيش فيه. انتهت إليه رياسة المذهب في مصر بعد ابن القاسم. قيل أن اسمه مسكين، وأن أشهب لقب له توفي في مصر سنة ٢٠٤هـ.
راجع في ترجمته: وفيات الأعيان ١/ ٢١٥، والانتقاء ص ٥١، وطبقات الفقهاء للشيرازي ص ١٥٠، وشذرات الذهب ٢/ ١٢، والأعلام ١/ ٣٣٣.

<<  <   >  >>