للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصريح يخالف ما نسب إليه إيماء فإنهم يرجحون النص الصريح، ويؤولون ما ثبت بالإيماء أو الإشارة أو الدلالة. ومن هذا القبيل:

١ - ذكر علماء الحنابلة رأيين للإمام أحمد – رحمه الله – أحدهما بنص صريح يجيز التعبد بالقياس، وآخرهما بالإيماء يمنع التعبد به. ففي شأن جواز التعبد به ذكر أبو الخطاب مما نص عليه أحمد – رحمه الله – في رواية بكر بن محمد (١) عن أبيه، فقال: "لا يستغني أحد عن القياس" (٢) وفي شأن عدم جواز التعبد به. قال: "وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية الميموني (٣)، فقال: يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين، المجمل والقياس" (٤). وقد تأول القاضي رأي أحمد – رحمه الله – المنسوب إليه إيماء، على أن المراد استعمال القياس في معارضة السنة.

٢ - ومن ذلك ما ذكرناه سابقاً، مما نسب عن طريق الإيماء إلى الإمام أحمد من عدم اعتداده بإجماع التابعين فإن هذا مما تأوله القاضي أيضاً، وقال عنه بأنه (محمول على آحادهم) (٥) وحينئذ يكون التخيير الوارد في هذه الرواية – من وجهة نظر القاضي – ليس المقصود به جواز ترك الإجماع،


(١) هو: أبو أحمد بكر بن محمد البغدادي النسائي الأصل. ومن أصحاب الإمام أحمد المقدمين عنده. وقد سمع عنه مسائل كثيرة، ولم يذكر في الطبقات تاريخ وفاته. راجع في ترجمته: طبقات الحنابلة ١/! ١٩، والمنهج الأحمد ١/ ٣٨١.
(٢) التمهيد ٣/ ٣٦٦.
(٣) هو أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الميموني الرقي. كان من أصحاب الإمام أحمد، سمع منه مسائل كثيرة، وكان أحمد – رحمه الله – يعتني به عناية شديدة، ويسأله عن أخباره ومعاشه ويحثه على إصلاح ذلك. توفي سنة ٢٧٤هـ.
راجع في ترجمته: طبقات الحنابلة ١/ ٢١٢، وشذرات الذهب ٢/ ١٦٥.
(٤) التمهيد ٣/ ٣٦٨.
(٥) العدة ٤/ ١٠٩٠، وقد عزز القاضي رأيه هذا بما جاء من قول الإمام أحمد في رواية المروذي (إذا جاءك الشيء من الرجل من التابعين، لا يوجد فيه عن النبي، لا يلزم الأخذ به). وانظر التمهيد أيضاً ٣/ ٢٥٦.

<<  <   >  >>