للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتبين عن الحكم، فإذا ثبت هذا علمت بذلك صحة ما ذكره، ولا أعلم في هذا خلافاً إلا شيء شذ به بعض المتأخرين) (١).

ووجهة هؤلاء المخالفين الذين ذكرهم ابن حامد، ممن رفضوا عد ذكر الخبر مذهباً، ومنعوا صحة نسبته إليه، تستند إلى أمرين:

١ - أن الإمام المجتهد قد يرد الخبر ولا يقبله.

٢ - أنه قد يفسره بما يخالف ظاهره.

لكن هذين الأمرين مدفوعان، ولا يصلحان حجة تبرر ما ذهبوا إليه، أما ما ذكر بشأن احتمال رد الخبر فهو غير وارد، لأن من شأن الفتوى إيصال حكم المسألة إلى السائل، فإذا اقتصر المفتي على ذكر الأثر دل ذلك على استقرار الجواب بأنه غير منازع، أما التفسير بخلاف الظاهر فإنه لا يضر، وإن التفسير يترتب على ما يثار من أسئلة، فإن لم تكن وجب إجراء مذهبه بحسب الظاهر، وإن وجدت فتفسيره مذهبه. وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الأضاحي فقال، يأكل، فقال له: يأكلها كلها فقال: لا، يأكل ثلثاً (٢).

أما روايته قول بعض الصحابة، وإجابته عن المسألة به، فإن معظم أصولي الحنابلة يعدونه قولاً للإمام، ويصححون نسبته إليه، وهذا مبني على أن قول الصحابي عنده حجة على أصح الروايتين عنه (٣). وأما إذا ذكر عن الصحابة في المسألة أكثر من قول، فمذهبه الذي يعد بمثابة النص هو ما رجحه أو اختاره أو حسنه، وما لم يبدر منه شيء من ذلك فإن العلماء اختلفوا فيما بينهم فيه، فمنهم من قال إن مذهبه أقرب تلك الأقوال من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ومنهم من قال لا مذهب له فيها عيناً (٤)، وبوجه


(١) تهذيب الأجوبة ص ٢٣.
(٢) تهذيب الأجوبة ص ٢٣ و ٢٤.
(٣) المسودة ص ٥٣٠، قاعدة جامعة في ذيل الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ١٢/ ٢٥٠.
(٤) المصدران السابقان.

<<  <   >  >>