للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حالتي الجهر فيما يخافت فيه، أو الإخفاء فيما يجهر فيه (١). وذكر المقري (ت ٧٥٨هـ) (٢)، وهو من علماء المالكية، عدم جواز تخريج آراء للأئمة ثم نسبتها إليهم، بناء على مفهوم المخالفة، قال: [لا تجوز نسبة بالتخريج والإلزام بطريق المفهوم، أو غيره إلى غير المعصوم، عند المحققين، لإمكان الغفلة أو الفارق، أو الرجوع عن الأصل عند الإلزام أو التقييد بما ينفيه، أو إبداء معارض في السكوت أقوى، أو عدم اعتقاده العكس، إلى غير ذلك. فلا يعتمد في التقليدين ولا يعد في الخلاف] (٣).

وفي كلام أبي إسحاق الشيرازي الشافعي [ت ٤٧٦هـ] ما يدل على منع مثل هذا التخريج، ورفضه أن ينسب ذلك إلى الأئمة. قال: (قول الإنسان ما نص عليه، أو دل عليه بما يجري مجرى النص، وما لم يدل عليه فلا يحل أن يضاف إليه، ولهذا قال الشافعي- رحمه الله-: لا ينسب إلى ساكت قول) (٤). وكلام الشيرازي هذا، وإن كان بشأن ما قيس على كلام الإمام، إلا أن عباراته عامة وشاملة، بل إن دلالة المفهوم مما كثر فيها الجدل والخلاف أكثر مما وقع في القياس.


(١) الكتاب بشرح اللباب ١/ ٩٧.
(٢) هو محمد بن محمد بن أحمد القرشي المقري التلمساني. ولد بتلمسان لأسرة ميسورة الحال، فتفرغ للعلم في زمن مبكر، وارتحل إلى المشرق قاصداً الحج فالتقى في طريقه بعدد من علماء مصر والشام والقدس والحجاز. أخذ علمه عن عدد من علماء عصره، وتتلمذ عليه عدد غير قليل من العلماء، منهم من يعدون أشهر علماء عصرهم، كلسان الدين بن الخطيب [ت ٧٧٦هـ]، وابن خلدون المؤرخ والرحالة المشهور [ت ٨٠٨هـ]، والشاطبي صاحب الموافقات [ت ٧٩٠هـ] وغيرهم.
تولى القضاء فترة، ولازم في آخر حياته السلطان "أبو عنان" المريني. وفي أثناء عودته مع السلطان المذكور من قسنطينة عاجلته المنية في مدينة فاس سنة ٧٥٨هـ.
من مؤلفاته: عمل من حب لمن طب، والطرف والتحف، والقواعد، وغير ذلك.
راجع في ترجمته: مقدمة المحقق لكتاب القواعد لملقري.
(٣) قواعد المقري ١/ ٣٤٨ و ٣٤٩.
(٤) التبصرة ص ٥١٧، شرح اللمع ٢/ ١٠٨٤.

<<  <   >  >>