للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نابعة من مفاهيم تلك النصوص، إذ الكثير من نصوص الأئمة لا يخلو من قيود أو شروط لما يصدرونه من فتاوى، فيما يعرض عليهم من الحوادث الجزئية، فشرح تلك النصوص، وبيان محترزاتها، يتضمن إعطاء أحكام مختلفة لما لم يتحقق فيه القيد، وهذا كثير وشائع في كتب الفقه، فإذا نسبنا ذلك إلى الأئمة قلنا إن ما يثبت لهم بطريق المفهوم كثير جداً، وربما فاق عدد ما يسند إليهم عن طريق النص. ومثل ذلك ما يستفاد من مفاهيم الكتب المشروحة (١).

ووفق وجهة نظر من اعتدوا بالمفهوم المخالف، ونسبوا ما يقتضيه إلى الإمام، وعدوه مذهباً له، فإنه لو نص الإمام على ما يخالف المفهوم ففي المسألة عندهم وجهان:

أحدهما: بطلان المفهوم، نظراً لقوة النص وخصوصه، ولضعف دلالة المفهوم، فيكون في المسألة رواية واحدة.

الثاني: عدم بطلان المفهوم، لأنه كالنص في إفادته للحكم. وعلى هذا الوجه يكون للإمام في المسألة قولان، إن كانا عامين، أحدهما يثبت بالمنطوق والآخر بالمفهوم (٢).

وقد ذكر ابن حمدان مثالاً لذلك، فقال: [كقوله- أي أحمد- رحمه الله- في الأب والأخ لما سئل عن عتق الأب بالشراء، فقال يعتق، وعن عتق


(١) ومن ذلك على سبيل المثال:
أ- ما ورد في الإنصاف ٢/ ٢٩١ [مفهوم قوله [وإن رفع ولم يسجد صحت] أنه لو رفع وسجد إمامه قبل دخوله في الصف، أو قبل وقوف آخر معه: أن صلاته لا تصح، وهو الصحيح وهو المذهب. وعليه الجمهور.
ب- ما ورد في الإنصاف ٢/ ٣١٤ [تنبيه: اشتمل قول المصنف في قصر الصلاة [ومن سافر سفراً مباحاً] على منطوق ومفهوم].
ج- ما ورد في الإنصاف ٢/ ٥٥٤ حيث قال عن عبارة المصنف بشأن عدم نبش قبر الميت (أو بلع مال غيره غرم ذلك من تركته) (تنبيه: مفهوم قوله [أو بلع مال غيره] أنه لو بلع مال نفسه أنه لا ينبش، وهو الصحيح، وهو المذهب ..).
(٢) صفة الفتوى والمفتي ص ١٠٣، الإنصاف ١٢/ ٢٥٤.

<<  <   >  >>