لم نجد من تكلم عن ذلك على أنه علم مستقل يحمل هذا الاسم، وإنما كان يتحدث عن التخريج باعتباره عملاً من أعمال المجتهد أو المفتي. ولهذا فقد كانت بعض مباحثه ترد في باب الاجتهاد من مباحث أصول الفقه، وما ألف في هذا الباب مما يحمل العنوان المذكور، كان تطبيقاً وتمثيلاً لعملية التخريج، فهو ألصق بالفن منه بالعلم، ومن أجل ذلك لم نطلع على من عرفه على أنه علم قائم بذاته، مما يجعل، مهمة تعريفه غير سهلة. وربما كان النظر فيما ألف في هذا الباب، وتأمل ما ذكره مؤلفوها في مقدمات كتبهم مما يساعد على توضيح ذلك، ويكشف عن إطار هذا العلم وحدوده.
إننا لو نظرنا إلى الكتب المؤلفة في هذا العلم، نجد أن أكثر مؤلفيها قد ذكروا في مقدمات كتبهم أن أهم ما يهدفون إليه من تلك الكتب هو رد الاختلافات الفقهية إلى الأصول التي انبنت عليها الآراء، فكأن تخريج الفروع على الأصول هو بيان للأسباب والعلل التي دعت الفقهاء إلى الأخذ بما قالوه من أحكام.
يقول الزنجاني (١): (ثم ال يخفى عليك أن الفروع إنما تبنى على
(١) هو: أبو المناقب. وقيل أبو الثناء محمود بن أحمد بن بختيار الزنجاني الشافعي. كان بحراً من بحار العلم كما يقول الأسنوي. برز في الفقه والأصول والتفسير والحديث. استوطن بغداد وتولى فيها القضاء مدة ثم عزل. درس في المدرسة النظامية والمستنصرية، واستشهد ببغداد، أيام دخول التتار بقيادة هولاكو إليها سنة ٦٥٦هـ. ... =