للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلاف والمآخذ، لا يكون فقيهاً إلى أن يلج الجمل في سم الخياط، وإنما يكون ناقلاً مخيطاً حامل فقه إلى غيره، لا قدرة له على تخريج حادث بموجود، ولا قياس مستقبل بحاضر، ولا إلحاق غائب بشاهد، وما أسرع الخطأ إليه، وأكثر تزاحم الغلط عليه، وأبعد الفقه لديه) (١).

والذي يرشح دخول هذا العلم في الخلافيات أن ردها إلى قواعد وأصول عند كل واحد منهم تختلف عما هي عند الآخر.

وإذا كنا لا نستطيع تحديد بداية نشأة هذا العلم، فإنه من الممكن – في الأقل – التنبؤ بالعصر الذي نشأ فيه، فقد يكون الدور الخامس في تقسيمات أدوار الفقه عند كتاب تاريخ التشريع أو الفقه الإسلامي، الذي يبدأ من منتصف القرن الرابع الهجري، هو بداية ظهور هذا العلم (٢).


(١) = فيها، وبعد أن تخرج به تولى منصب القضاء وخطابة الجامع الأموي، ومهنة التدريس في غالب مدارسها، وقد تعرض لشدائد ومحن واتهامات لم تجر على قاض قبله، كما قبل. كان طلق اللسان، قوي الحجة.
ومصنفاته كثيرة ومنها: طبقات الشافعية الصغرى والوسطى والكبرى، ومعيد النم ومبيد النقم.
من كتبه الأصولية: جمع الجوامع، شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي، وهو المسمى بالإبهاج، ورفع الحاجب عن شرح مختصر ابن الحاجب. برع في الفقه والأصول والتاريخ والأدب، والسبكي نسبة إلى سبك من أعمال المنوفية في مصر. توفي في دمشق بالطاعون سنة ٧٧١هـ.
راجع في ترجمته: الدرر الكامنة ٣/ ٢٣٢، شذرات الذهب ٦/ ٢٢١، كشف الظنون ١/ ٥٩٥ و٥٩٧، هدية العارفين ١/ ٦٣٩، معجم المطبوعات ١/ ١٠٠٢ن الأعلام ٤/ ١٨٤، معجم المؤلفين ٦/ ٢٢٦.
() الفكر السامي ٢/ ١٧٨، نقلاً عن طبقات الشافعية الكبرى.
(٢) من أجل النظر في المسار التاريخي للتخريج ينبغي التفريق بين التخريج باعتباره عملية اجتهادية استنباطية من نصوص الشارع ومن قواعده الأساسية، وبين التخريج الذي هو علم قائم بذاته يتناول التفريع على آراء الأئمة وبيان مبنى الخلافات القائمة بينهم، وهو الأمر الذي جاء الحديث عنه في صلب الكتاب. أما التخريج بالمعنى الأول فالذي يبدو أنه نشأ مع الأئمة المجتهدين بل مع الصحابة والتابعين، لأنه عملية =

<<  <   >  >>