في العدالة، فعل، وإلا لم أر أن يجعل له معه أحدًا في موضع الغابر.
وفي موضع آخر قال مالك: إذا عزل أحد الوصيين لخيانة، فلا يجعل مع الآخر غيره إلا أن يضعف، وروي علي بن زياد عن مالك أن القاضي يجعل مع الباقي غيره، ومال إليه سحنون، ورواية علي عندي محتملة، والذي تقدم نم قول مالك: المتكرر مكشوف، أنه لا يقدم مع الباقي غيره إلا على الشرط المذكور، ولا يحتاج مع ذلك إلى تأويل.
ووقع في أحكام ابن زياد ما يدل على الأخذ بقول مالك، الذي قال في المستخرجة وكتاب ابن المواز، وإن قال الوزير وفقعه الله أنه تبرا من المشورة التي عل إليه أحمد بن رباعة عند وفاته فهو المصدق في ذلك، وهو محمول على التبري الذي ذكره؛ إذ لو قال إن ذلك كان عن رأيه وإجازته؛ لكان ذلك ما جلبت، من قول مالك المذكور المكشوف عن ما وصفت.
وأما أمر التصديق، الذي ذكره الموصي في كتاب عهده دون يمين، فوقع في سماع عيسى عن مالك، في الرجل (ب – ٣٣) يوصي بدين عليه، فيقول: كنت أداين فلانًا وفلانًا، فما ادعوا قبلي، فهم مصدقون أن ذلك لهم بلا يمين على ما ادعوا.
والمسالة التي شاورت فيها أبعد إيجاب اليمين؛ لأن الميت قد حد الدين فيها، ولم يحد في المسألة التي وقعت في سماع عيسى، وأما ما دفع من دين عن المتوفي ولم يثبت الدين، أو ثبت ولم يحلف ربه ولم يشترط تصديقه، فالدافع ضامن لذلك إلا أن يجيز ذلك بعض الورثة أن شاء الله، قاله أحمد بن محمد.
ثم عزل القاضي أبو علي قبل أن يحكم في ذلك، وولي بعده أحكام القضاء أبو بكر يحي بن زرب، فأعاد السؤال في ذلك علي ابن عتاب، فكتب إليه: - أكرمك الله ووفقك – عن الذي أعتقده فيما تقدم من جوابي، إن كنت إنما خاطبت به غيرك، والذي جاوبت به وقلته هو الحق الذي لاشك فيه، ولا سبيل إلى العدول عنه؛ إذ هو قول الأئمة السالفين، ومنهاج القضاة الماضيين.
ولم أنفذ جوابي إلا بعد وقوفي – بحمد الله وفضله – على ما قاله في ذلك السلف، واتبعهم عليه الخلف رضي الله عنهم، وعلى استنباطه من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى ما وقع في كتبنا العتيبة والموازية وغيرهما، والذي وقع فيها هو الذي جاوبت به.