للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال في كتاب ابن المواز: ومن أوصى إلى رجلين فمات أحدهما عن غير وصية، فالقاضي ينظر في ذلك، فتأمل هذا اللفظ وقف عليه، فهو نص ما جاوبت به، ثم قال في تمام المسألة: فإن رأي التشريك معه فعل، وإن رأى أن يفرده أفرده، وهذا هو الذي قلته. وسبب المشاورة في الوصية كسب الوصي أو أقوى منه.

وفي أثر هذه المسألة قال مالك في أحد الوصيين تتبين منه خيانة: أنه يطرح الخائن منهما ويخرج من الوصية، ولا يدخل على الآخر في الوصية معه أحد سواه، إلا أن يكون يضعف عنها يجعل معه غيره مكان الذي طرح، هذا نص المسألة، وهو إذا طرح الخائن ولم يجعل معه غيره فقد أفرد الباقي لا محالة؛ إذ لا جائز أن يطرده فيبقى نظره.

وفي المستخرجة: سئل مالك عن يتيم له وصيان قبل أحدهما له ثلاثون دينارًا قد تقاس بها وأمكن عن نفسه، وقال: اسجنوني، فاعترض السائل بمسألة عن كراء منزل لليتيم، فأجاب مالك عنه.

ثم رجع إلى السؤال الأول فقال: أرأيت المقتطع لهذه الثلاثين دينارًا يخرج من الوصية؟ قال: نعم أرى أن يخرج منها إذا وجد من يدخله مكانه من أهل الثقة، مع الوصي الباقي.

فقيل: أرأيت إن كان الوصي الباقي ثقة يدخلون معه؟ قال: نعم إن كان أمرًا يخاف ألا يقدر عليه وحده، وإن كان أمرًا يقوى عليه ولم يدخل عليه أحد.

هذا نص هذه المسائل في الأمهات، وبنصها يوقف عليها، وأنشد صاحب كتاب العين: ونص الحديث على أهله فإن الوثيقة في نصه فهذا مذهب مالك في هذه الكتب، وقال في المجموعة: إن القاضي يجعل مكان الباقي غيره.

وجميع هذه النصوص إنما عرف مالك فيها القاضي ما يفعله وما ينظر؛ مما يصح به النظر لمن يفرده أو يشرك معه، وليس في شيء منها أنه لا يحتاج الباقي من الوصيين أن يدفع ذلك إلى القاضي، وإلا أن نظره وحده نظر جائز نافذ، وبهذا كانت تقوم الحجة لو كان ذلك فيها. لقد أعاذ الله مالكًا من ذلك وعصمه.

بل له في غير هذه الكتب. قال: لا يجوز لأحد الوصيين أن يبيع شيئًا من مال الميت ولا يزوج بناته دون صاحبه، وهذا نص من قوله في المسألة بعينها يغني عن كل تأويل فيها.

<<  <   >  >>