وقال ابن القاسم في الوصيين؛ يكون بين الميت وبين رجل خصومه: لا يجوز أن يخاصمه أحدهما إلا بإذن صاحبه، وهذا أيضًا نص لابن القاسم، وما قلته في التصديق هو الذي جرى به العمل عندنا، وجاءت به الرواية منصوصة في كتبنا، من ذلك ما قاله ابن لبابة في منتخبه.
قال ابن القاسم: من عهد فقال: داينت فلانًا وفلانًا وفلانًا فما ادعوا على فهم مصدقون، إن ذلك هلم بلا يمين يستحلفون بها، قال محمد: وقد قال إن الحق لغير الميت فاليمين عليهم، وبهذه الرواية (أ – ٣٤) الأخيرة جرى العمل وهو الصحيح؛ لأن الميت أراد إسقاط اليمين التي توجبها السنة، وأن يلزم الورثة ما لم يلزمهم في مال قد انتقل ملكه إليهم، وزال عن المتوفي ملكه والتصرف فيه.
وقد اختلف قول مالك في شرط التصديق الذي يلزم نفسه التصديق، فله في ذلكأقول، منها: أن الشرط ساقط، فهو إذا أسقطه في الذي يوجبه على نفسه ويلزمه إياها، فهو أولى بالسقوط فيمن يريد أن يلزمه ورثته.
ومسالة ابن القاسم المتقدمة محتملة أن تكون من غير هذا الأصل، وأن يكون الميت كانت بينه وبين من أوصى بتصديقه ملابسة لا يقف على مبلغها، فأراد التنحي منها بتصديقهم فيها، وهذا أصل ثاني اختلف فيه أصحاب مالك، فاعلمه.
ومن الأدب المأمور به، والإنصاف اللازم لمن أخذ به، أن احتج بقول قد اختلفت فيه الرواية عن مالك وعن أصحابه؛ فاحتج بأحديهما؛ أن يذكر الأخرى؛ لئلا يوهم من سمع الواحدة أنه لا اختلاف فيها، ولا سميا ما يخاطب به الحكام، إلا أن يكون لم يعلم بها فيعذر بجهالته.
والله أسأله أني سلك بنا سبيل الإنصاف، وأن يحبب إلينا الائتلاف، ويكره إلينا الاختلاف، بمنه وفضله. قاله ابن عتاب.
فنفذ القاضي ابن زرب الحكم بهذا، ثم سأل الشيخ أبا عبد الله بعض أصحابه عن بيان ما ذكره في جوابه عن موضع استنباطه، فأملى: سألتم – أرشدكم الله إلى التمسك بكتابه وسنة نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم)، والاعتصام بحبله – عن بيان ما ذكرته في جوابي وموضع استباطه من كتاب الله عز وجل، والذي قلته أنه لا ينفذ فعل أحد الوصيين دون صاحبه أو دون مشاورة إن كان ثم مشاور، هو قول مالك جاءت به الرواية عنه، على ما ذكرته