للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنزل، قال: ما أنزل حتى يقتل، فأمر به فقتل، ثمن نزل. من صحيح مسلم.

ويدل على ذلك من إجماع الصحابة أن علي بن أبي طالب ومعاوية رضي الله عنهما، لما حكما فاختلف الحكمان بقي الأمر بعد اختلافهما على ما كان عليه قبل ذلك، فأجمع من كان مع الفريقين من الصحابة ومن غاب عنهما منهم على ذلك، وهذا من أين دليل.

وما ذكرت أنه من فعل القضاة السالفين؛ فإنهم لم يزالوا (ب - ٣٤) يشترطون في التقديم على المحجور واليتيم ألا يبيع المقدم لهم شيئًا من أصولهم إلا عن رأي قاضي موضع كذا، ولم يحفظ عن أحد من الفقهاء أنه فرض هذا الشرط، وقال إنه غير لازم، وأن للمقدم البيع دون مشورة المشترط مشورته، وإن كان المشترط مشورته قد مات أو عزل، في بعض ما ذكرنا ما يزغ من خالف في ذلك، وذهب إلى غير رواية ولا حجة لازمة، وأنشد ابن الأعرابي:

وتدبر الأمر الذي تفتي بهذ ... لا خير في فقه بغير تدبر

ذهب الرجل المقتدي بفالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر

وكتب بها إلى أبي عمر أحمد بن رشيق فقيه المريه مختبرًا، وكلفته ذكر الروايات لاستدل بذلك على حفظه، فجاوب: إذا أقر الذي ذكر الميت أن عليه مائتي دينار دينًا أنه قبضها أو قامت عليه بينة، فلا يضر ترك مشورة المشرف، ولا يمين على المقر له بالمائتين، ويكون من رأس المال، إذا لم يتهم في إقراره، ولم تصح ريبة في ذلك عليه.

وأما ما نفذوا من الوصية عن غير أمر المشرف، فإذا كان الموصي لهم معينين، وأقروا بقبض ذلك أو قامت عليهم به بينة، فلا تباعة على الأوصياء، وإن كانت الوصية على المساكين ولم يوجد السبيل إلى ردها فهم ضامنون؛ أعني الأوصياء لما نفذوا من ذلك، وسواء التزم المشرف الإشراف أو لم يلتزم.

وما سألتني أن أنسب القول إلى قائله فلست أتلزم ذلك ولا أقوله، وإنما أفتي بما يصح في نظري، وما تقوم عليه حجتي، إن دفعني عنه دافع إن شاء الله. قاله أحمد بن رشيق.

<<  <   >  >>