للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنده يمينها وشاور في ذلك الفقهاء وأدرج إليهم العقد المذكور.

فجاوب أبو عبد الله بن عتاب:

سيدي وليي، تصفحت خطابك وما أدرجت طيه، وإذا قد ثبت عندك ما ذكرته على حسب ما وصفته فقد كان القاضي أبو المطرف رحمه يمرض شهادة الشاهد بحيث لا يعلم ويضعفها، لاسيما إذا طالت مدة المغيب.

ولقد شهدت له مجلسًا وقد حضره الفقيه القاضي أبوك -رحمه الله- وجرى في هذه الشهادة بينهما مناظرة؛ إذ كان أبوك يذهب إلى إعمالها وإجازتها، ولكن زاد الفقيه أبو محمد في شهادته عندك أن مغيب الغائب إلى أشبيلية موجب للإعذار إليه إن كان لا يتعذر الإعذار إليه.

فإن تعذر فالعقد مفتقر إلى تصحيحه، إذ فيه تناقض لما قيل في صدره إنه غائب بحيث لا يعلمون، ثم قيل في آخره إنهم يعرفون مغيبه في غير سبيل الحج، وإذا لم يعلم حيث مغيبه فكيف يسوغ لهم أن يقولوا إنه في غير سبيل الحج؟! وهذا لا يجتمع ولا يتفق؛ أنهم عالمون وغير عالمين في حال واحدة.

فإذا صح العقد يرفع هذا وأحكامه نفذت القضاء بالطلاق وأرجأت الحجة للغائب إذا تعذر الإعذار وتقيد ذلك من نرك موفقًا إن شاء الله.

وجاوب أبو عمر بن القطان:

قرأت ما خاطبت به، وقد تقدم في بعض أجوبتي إليك في مثل هذا المغيب أن الشهادة فيه ناقصة حتى يكون الشهود قد قطعوا أن عصمة النكاح باقية بين الزوجين إلى تاريخ شهادتهم وبالمغيب أنه في سبيل الحج، والشهادة في هذا بقطع لا تنبغي، وإنما يشهد في هذا على العلم، وقول الشهود إنهم يعرفون إنما يعطى القطع؛ فلا يجوز مثل هذه الشهادة ولا يبنى (أ-٥٣) عليها، ولا يكون بمثلها تسجيل.

وذكرت أن المرأة حلفت أن سكوتها في المدة المذكورة وتلومها لم يكن إسقاطًا منها لشرطها، وهذه زيادة في اليمين لم تكن تنبغي ولم يكن ذلك عليها؛ إذ شهدت البينة أن الزوج أشهدهم أن لها التلوم عليه ما أحبت؛ لا يقطع تلومها شرطها، ولا يجب أن يحكم الحاكم إلا بما لابد منه، فتحفظ من مثل هذا وشبهه، فعلى ما جاوبك به الشيوخ المتقدمون وبه كان يفتون حكام المسلمون، عصمنا الله أجمعين.

<<  <   >  >>