للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما شهادة عبد الله بن محمد فلا توجب حكمًا، إذ لم يشهد غيره بمثل شهادته أكثر من الاستثبات في أمر الغائب والتأني فيه. وأما ما ذكرت من يمين عاتكة في بيتها لعذر ولم تبينه في خطابك فغير مجزئة عنها، فإن ذكرت العذر وقع الجواب عليه، وإلا فاليمين واجبة في مقطع الحق إذا صحت الشهادة، فإن كانت المرأة ممن لا تخرج نهارًا خرجت ليلاً، وحلفت بما يجب به الحلف، وبذلك يتم الحكم ويقع التسجيل، وأسأل الله لنا ولك خلاصًا جميلاً وعونًا على طاعته وتأييدًا إن شاء الله، والسلام.

قال القاضي: الزيادة التي زادتها المرأة في يمينها أنها إنما سكتت متلومة لا إسقاطًا لشرطها، كل ذلك ذكرها أبو عبد اله بن العطار، وأسقطها أبو عمر بن الهندي واحتجاج أبيه عمر بن القطان على أن الصحيح إسقاطها، بأن الشهود قد شهدوا بها غير بين؛ لأنها قد تقول في يمينها: لقد غاب عنها أكثر مما شرطه لها وما انصرف إليها، وقد شهد لها بذلك.

وكذلك تحلف إذا أرادت تطليق نفسها منه بعدم النفقة: أنه ما ترك عندها شيئًا ولا أرسل إليها بشيء وقد شهد لها به الشهود، وكذلك يحلف مستحق الحيوان وشبهه- في مقطع الحق- ما باع ولا وهب ولا خرج عن ملكه، بعد أن تشهد له بذلك بينة وكذلك من شهد له بحق على ميت أو غائب.

وكذلك نص عليه أبو عبد الله بن أبي زمنين في يمينها في سجل القضاء لها الأخذ بشرطها في المغيب بعد أن أثبتت مغيبه.

قال: وشاور القاضي فلان من وثق به من أهل العلم فيما ثبت لفلانة فأشاروا عليه أن تحلف في مقطع الحق -احتياطًا للغائب- بالله الذي لا إله إلا هو، لقد غاب عنها زوجها فلان- في غير سبيل الحج- الغيبة التي شهد لها بها ما قدم عليه، وأكمل اليمين.

فهذا نص في ذلك ممن هو حجة، مع موافقة ابن العطار له فيما ذهبنا إلى بيانه، والله يعصمنا بهدايته، ولو انتقد أبو عمر على نفسه في جوابه أن الشهادة ناقصة، حتى يقولوا إن المغيب بعيد بحيث لا يعلمون لكان به أولى، لأنه كلام لهم ينقله غيره ولا يصح في النظر معناه؛ كيف يكلف من يقول: إنه غائب بحيث لا يعلمون أن يزيد غاب بعيدة بحيث لا يعلمون.

وكيف يصح الجمع بين اللفظين وهما معنيان متنافيان لأنه إذا قال: بحيث لا يعلم؛

<<  <   >  >>