فهو لا يعلم قرب المغيب من بعده، وإذا قال: غيبة بعيدة؛ فقد علم المكان بمقتضى كلامه، فكيف يصح قوله: بحيث لا يعلمون؟ وهذا بين لمن تأمله وقد سمعت من ينكره، وسيأتي في جواب لهم آخر في مسألة غائب.
وكذلك لو حصل قوله: وأسأل الله لنا ولك خلاصًا جميلاً إن شاء الله، لم يقله؛ لأنه كلام كقوله: خلصنا الله وإياك إن شاء الله، وهذا لا يجوز لأنه نفس ما نهى عنه النبي في قوله:"لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت. اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له"(١).
وجاوب أبو مروان في ذلك:
سيدي ووليي ومن وفقه الله وأرشده وأراه الصواب وأيده، أمثل ما في هذا عندي: إذا لم يفت الشهود بما في الاسترعاء بعده أن تستعيد منهم الشاهدات بالنص، فنكتب عنها شهادتهما على وجه الكتاب وسياق الصواب.
فإن اليقين الحاصل بأن الداخلة إنما دخلت من العاقد، واليمين في بيتها لا تجزئ؛ إذ ليس ذلك في شروطها المضمن عقد الاسترعاء الظاهر إليك، إلا لعذر تقوم عليه بينة، فإن تقيدت الشهادة على وجهها، بلفظ يصلح للمعنى المفهوم من المراد بالاسترعاء المذكور، نفذ الحكم على الغائب، وأرجأت له الحجة.
فإن كونه بأشبيلية لم يقم عليه إلا شاهد واحد ولا ثبت ذلك بواحد، وإن كان على ما هو من علو الحال، حمنا الله وإياك على الصواب، والسلام.
وفي مسائل ابن زرب: سأله ابن دحون عن حكم ثبت عنده مغيب رجل مدة، كان قد شرط لزوجته إن غاب عنها فأمرها بيدها، وأنها طلقت نفسها على سنة المبارأة، وأشهد الحكم على ذلك، وكان الشرط على الطوع، فقال القاضي: يس يلزمه إلا طلقة له فيها الرجعة ما لم تنقض العدة، وليس إشهاد الحكم على ثبوت تطليقها نفسها طلقة مباراة مما يمنعها من ارتجاعها في العدة.
وسئل ابن عتاب عمن جهز ابنته إلى زوجها وهي بكر بجهاز، وأخرج لها شورة، وأقامت مع الزوج أربعة أعوام، ثم قام يزعم أن تلك الشورة إنما أخرجها على