للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شكواها بزوجها فأقرت به، ووكلت على مطالبته وعاودت الشكوى فيجب في هذا -وفقك الله- ما قد أنزله الله عز وجل في محكم كتابه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها) وعملت الخلفاء به بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

ولقد سئل مالك عن الحكمين إذا لم يوجد في أهل الزوجين من يرضى التحكيم بينهما، فقال: يبعث السلطان برجلين من صالحي المسلمين، ووجه التحكم أن ينظر الحكمان بينهما فمن رأياه منهما ظالمًا حملا عليه ورجعاه عن ظلمه، وإن رأيا الفرق بينهما إذا أشكل أمرهما عليه كذا بأن يأخذ للزوج منها أو يضعا عنه من حقوقها ما يريانه فذلك إليهما، ثم يلزمهما ما حكما به من فراق على ما أحبا أو كرها؛ هذا وجه النظر بينهما إن شاء الله قاله ابن لبابة ومحمد بن وليد.

وقال عبيد الله بن يحيى: إلا أني أرى أن يكون ذلك بعد تلوم واستقصاء نظر فإن الخبر عندنا من الجيران أنها الناشزة الراغبة في الفراق من غير ضرر وصل إليها. والله أسأل توفيق القاضي وجزل الثواب له، وهكذا في أحكام ابن زياد.

وفيها أيضًا: إذا أشكل على القاضي أمر الزوجين حتى لا يتوصل إلى معرفة المضار منهما؛ أرسل الحكمين: حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، فإن لم يكن في أهلهما؛ بعث من يثق به من خيار المسلمين فيحكمان بما يريانه من تفريق بفدية من مالها على ما يريان. قال ابن لبابة: وإن رأيا من ضرره أكثر من ضررها ورأيا التفرقة بغير فدية فذلك إليهما، وإن تكافيا في الشكوى عندها وفرقا بينهما فلابد أني أخذ له منهما. وقاله أيوب وابن وليد.

وفيها أيضًا ترددت على شكية ابنة تمام بإضرار زوجها إليها وأذاه لها، فهل ترون أن أرسل حكمين إليها أم أخرجها إلى دار أمين حتى أقيم، كما كانت القضاة تفعل، فهمنا ما سأل القاضي عنه زاد الله في توفيقه (أ-٦٢) والذي نراه أن يرسل إليهما حكمين كما قال الله عز وجل في محكم كتابه لا يجوز غير ذلك؛ لقول الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وآية الحكمين محكمة لا نعلم لها ناسخًا فالعمل بها أمر فرض واجب وأمر لازم. قال بجميعه محمد بن وليد.

<<  <   >  >>