بطلاق أم بعتق أم بمشي: أنه يطلق امرأته وبعتق عبده ويتصدق بثلث ماله ويمشي إلى بيت الله وقول مالك هذا أصل للزوم ذلك الحالف بالأيمان اللازمة إذا ألزمه ذلك حال شكه كان أجدر (بأن) يلزمه في حال يقينه إياها وعند جمعه إياها في) يمينه وعقده لها على نفسه، قال الله (عز وجل)(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود). قال ابن العباس والسدي وغيرهما: هي العهود. وكذلك قال تعالى:(وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم). وقال الحسن: العقود عقود الدين وكلها طاعة الله تعالى: (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان)(فعقدها) أن يحلف ألا يفعل فيفعل (فيحنث فتجب عليه الكفارة أو يحلف ليفعلن ثم لا يفعل.
وقال أصحاب المعاني: (معنى) العقد الجمع بين الشيئين بما يعسر انفصال أحدهما من الآخر، وأصله الشد كعقد الحبل بالحبل، ونقضه حله. والعقد الذي يجب به الوفاء كل ما كان لله طاعة مما عقده الإنسان على نفسه امتدح الله تعالى في عبر ما موضع من كتابه من أوفى بنذره فقال عز وجل:(يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا). وقال:(رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم). ومعنى الوفاء: إتمام العقد بفعل ما عقد عليه، ونقبض الوفاء: الغدر، فدل هذا كله أن من عقد على نفسه عقدا، أو عهد الله عهدا، أو نذر نذرا فعليه الوفاء به: وسواء كان في يمين أو في غير يمين واليمين أوكد، وقال الله (عز وجل): (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) وأخبر تعالى أنه يؤاخذ بعقد الأيمان. وإذا قال القائل: امرأته طالق ثلاث، أو قال: واحدة إن دخلت هذه الدار. فدخل لزمه الطلاق بالحنث. وكذلك إن قال: إن دخلتها فغلامي حر، أو قال: إن كلمت زيدا فعلي المشي إلى مكة، أو قال فمالي للمساكين صدقة، فلزمته اليمين في هذه الوجوه بانفرادها إذا حنث فيها. وكذلك لو قال: إن أكلت هذا الخبز فمالي صدقة أو امرأته طالق وجاريتي حرة وعلي المشي إلى مكة فحنث بأكل الخبز؛ لزمه ذلك كله.
(فكذلك) إذا قال: هذه الأيمان لي لازمة إن أكلت هذا الخبز فأكله لزمته الأيمان كلها التي جمعها في عقده والتزمها (بلفظه) كما لزمته إذا فرقها ولفظ بها وجها وجهًا، ولا فرق بين ذلك (كله) عند من أنعم الله عليه بهداه ومن عليه بتقواه ولم يتخذ إلهه هواء ولا جعل الخلاف هجراه. وهو أبين من أن يحتاج فيه إلى هذا البيان لكن أطلت فيه الكلام. لما حدث في الإسلام من انحلال النظام. حتى أبدى خلاف السلف من لم ير لهم